Waxaan Ka Hadlayaa Xorriyadda
عن الحرية أتحدث
Noocyada
رأيته وقد انكب بجذعه كله على سطح مكتبه، في يده قلم، وأمامه أوراق مرصوص بعضها فوق بعض في انتظام، تراها بنظرة سريعة فتظنها مجموعة من أوراق اللعب! إذ كانت أوراقه المرصوصة شبيهة بأوراق اللعب (الكوتشينة) حجما وتساويا وانتظاما، وذلك حين ترص بحيث تتطابق أطرافها، وهكذا رأيته منحنيا بصدره على أوراقه، منصرفا إليها بكل وجوده، حتى لقد لبثت جالسا فترة طويلة، ولم يكن بيني وبينه إلا بضعة سنتيمترات، ومع ذلك لم يشعر بأن أحدا في الغرفة سواه، تحرك قلمه على الورقة العليا، بما لست أدري ماذا؟ لكنني رجحت ألا تكون الحركة قد كتبت على الورق شيئا، بل هي أشبه بالحركة والقلم «يشطب كلمات كانت مكتوبة»، ثم نقل الورقة العليا من مكانها، ليضعها في أسفل، واتجه باهتمامه إلى الورقة التالية، لكنه هذه المرة لم يطل الوقوف، وأجرى قلمه بحركة «الشطب» التي رأيتها منه في الورقة الأولى، ونطق لنفسه في صوت مسموع ووجهه لم يزل متجها نحو أوراقه فقال: خلاص! لم يبق إلا أربعة.
أسمعته صوتي لأول مرة منذ دخلت الغرفة، سائلا: أربعة ماذا تلك التي بقيت؟ فحرك رأسه حركة المذعور، وسألني بدوره: أأنت هنا ولم أشعر بك؟ منذ متى جئت؟ قلت: منذ دقائق، ولم أرد أن أخرجك مما أنت فيه؛ لأنني ألقيت تحية عند دخولي، ولم أسمع عنها جوابا، لكنك لم تنبئني عن الأربعة التي لم يبق سواها، فما هي تلك الأربعة؟ فضحك بقهقهة مفتعلة عرفتها فيه، وقال: لا ولا حاجة! ومضت بعد ذلك أعوام، لم نكن خلالها في بلد واحد، ولا كانت حياتنا متشابهة، فقد كان له طريق وكان لي طريق آخر، لكن المصادفات من شأنها أحيانا أن تصنع المعجزات.
فقد حدث لي في البلد الذي اغتربت فيه أن التقيت بمن لم تكن تربطني به رابطة إلا مصريتنا، فجرى بيننا حديث لا هدف له ولا موضوع فيه، وإذا بذلك الرفيق العابر، يقص لي عن صاحبنا ذاك غرائب من حياته ونوع طموحه، فورد في كلامه عنه، أنه منذ كان في أولى درجات المناصب، أعد لنفسه أوراقا سجل فيها قوائم بأسماء الموظفين معه في وزارة واحدة، الذين يعلونه منصبا ويحولون - بالتالي - بينه وبين الذروة التي كان يستهدف بلوغها، وإنه في الحق لرجل شديد الذكاء، فكان لا يكف لحظة عن التفكير في أولئك الذين يقفون في طريق صعوده، فيفكر لكل واحد منهم على حدة، كيف يزيحه، فالناس تختلف ظروفهم وتختلف معادنهم، ولهذا كانت الطريقة التي تزيح زيدا من مكانه ليست هي بالضرورة الطريقة التي تزيح خالدا، وقد عرف صاحبنا لكل منهم طريقته التي تناسب ظروفه وتلائم معدنه، وهنا عادت بي الذاكرة إلى ذلك الصباح الذي سمعته فيه يقول لنفسه، وهو منكب بجذعه على رصة الأوراق التي كانت أمامه: خلاص! لم يبق إلا أربعة.
فما سمعت قصة الرفيق العابر، حتى وثبت إلى ذهني مسرحية ريتشارد الثالث لشكسبير، فالشبيه يدعو شبيهه، وإلا فكيف تعيد لي الذاكرة شيئا كنت قرأته قبل ذلك بما لم يكن يقل عن ثلاثين عاما؟ كان ريتشارد الثالث هذا مشوه الخلقة منذ ولادته، فهو يحمل على ظهره قتبا ضخما، التوت به الفقرات التواء شديدا، ولذلك تدلت ذراعاه بما جعله أقرب في تكوينه إلى الشمبانزي، وفوق ذلك كانت ساقاه معوجتين، فكان بهما عرج ظاهر، ولم يكن لفترة طويلة من عمره وليا لعرش بلاده، فكان هنالك ملك، وكان حق ولاية العرش بعد ذلك الملك يتسلسل في عدة رجال، ربما كانوا ثلاثة على التوالي، فجعل ذلك الأمير الشائه همه الأول هو كيف يزيح أولئك الذين يشغلون طريق الصعود إلى العرش، حتى إذا ما عرف لكل منهم طريقته، انصرف بجهده نحو الملك نفسه ليطيح به، وإني لأذكر جيدا كيف جاءت فاتحة المسرحية نجوى يتحدث بها ريتشارد إلى نفسه في حسرة وأسى، ثم يختم النجوى بتصميم على أن يعوض تشويه جسمه بشيطانية ذكائه، ففي نجواه أخذ يقول كلاما كهذا: لقد شاء الله ألا يسوي لي جسدا كما سوى سائر الأجساد، فلم يرد لي أن أغازل صورتي في المرآة كما يفعل العاشقون، وكيف لي أن أخطر مختالا أمام الغانيات كما يختال الشباب، لقد جئت إلى الدنيا قبيح الشكل منقوص الأعضاء غليظ القسمات، أحدب الظهر أعرج الرجلين، وإني لأسمع الكلاب يعلو نباحها كلما رأتني وأنا أحجل أمامها في كساح ظاهر، وكان خليقا بشبابي أن يضطلع بالمهام الجسام، ولكن ها أنا ذا لا أجد ما أزجي فيه فراغي سوى أن أرقب ظلي مطروحا أمامي، يقصر مرة ويطول أخرى، فأندب حظي، لكن لا! إنه إذا كان حظي هو هذا الجسد المحروم من مغازلة الحسان؛ فسأعرف كيف أشق طريقي، ولأبدأ بالولي الأقرب إلى العرش بعد الملك، إن أول جزء من اسمه هو «جورج»، إذن فلأنشر في حاشية الملك نبوءات ورؤى قالها العرافون، مؤداها أن يحذر الملك من رجل اسمه يبدأ بحرف «ج»، ولتنزل علي لعنة السماء إذا لم أره سجينا بعد حين لا يطول. كلام كهذا بدأت به مسرحية ريتشارد الثالث، يتحدث به ريتشارد هذا إلى نفسه. ولقد نجحت خطته، وتربع على العرش كما أراد.
قلت لرفيقي العابر: إنه لم يكن على صاحبنا من حرج في أن ينشد لنفسه منازل القوة، فتلك هي فطرة الإنسان لمن يستطيعها، لكن الحرج كل الحرج في أمرين: أولهما هو أن صاحبنا قد استباح لنفسه أن يحكم بالموت خنقا لا شنقا على من جعلهم العدل وسوء حظهم معا يقعون في طريق طموحه وصعوده، وأما ثانيهما فقصة شرحها طويل مع طول تاريخها؛ إذ هي قصة بدأت سطورها الأولى منذ ما قبل الملك مينا الذي وحد الوجهين، القبلي والبحري، تحت سلطان واحد، فمنذ ذلك العهد الموغل في القدم والمصري قد رتب درجات الصعود ترتيبا يجعل مناصب السلطة والنفوذ ترجح كل ما عداها من ضروب القوة، فقد كان يستطيع أن يجعل القوة المنشودة قبل سواها هي قوة العقل، أو أن يجعلها قوة المال، أو أن يجعلها قوة السلاح، أو أن يجعلها قوة الإيمان، أو أن يجعلها قوة الأخلاق، أو أن يجعلها غير هذا كله، فضروب القوة كثيرة، وكلها مطلوب بدافع من فطرة الإنسان، إلا أن ثقافات الشعوب المختلفة قد اختلفت في ترتيبها تبعا لأهميتها عند هذا الشعب أو ذاك، ولو أنك درت ببصرك لتنظر إلى شعوب عصرنا - مثلا - لوجدتها متباينة فيما جعلته بين ضروب القوة أسبقها وأولاها بالكفاح، إلا أن المصري ثابت على عقيدته، وهي أن قوة السلطة والنفوذ أرجحها جميعا، في سبيلها قد ينفق صاحب المال ماله، وقد يفرط صاحب العلم في قيمة علمه، وهكذا، فإذا كنا قد سلمنا لصاحبها بالحق في أن يعلو بطموحه إلى ذروة الذرى؛ فنحن لم نكن لنعطيه ذرة من حق في أن يحقق أهادفه متسلقا على رقاب البشر، أما إنه اختار قوة السلطة والنفوذ دون سائر القوى؛ فليس العيب في ذلك عيبه وحده؛ لأنه صنيعة شعب، ولقد أسلفت لك أن عبادة السلطة والنفوذ هي جزء حيوي من ثقافة شعبنا منذ أول تاريخه.
سألني الرفيق العابر قائلا: ما لي أراك تقرن السلطة والنفوذ كأنهما وجهان ليد واحدة، مع أنهما معنيان مختلفان، فما الذي تعنيه بكلمة «النفوذ»؟ فقلت له: إنما أعني يا صاحبي نفوذ المسمار من الجدار، فأنت وأنا وهو وهي وهما وهم وهن، كلنا قد يعترض الجدار طريقنا، فنعلم أنه نهاية الطريق التي لا حيلة لنا فيها، وأما المسمار فالجدران لا تكون نهايته، بل ربما كانت هي بداية وجوده، لأنه سينفذ خلال إسمنتها وزلطها وحديدها إلى حيث يريد، وعادة ما يكون صاحب السلطة قادرا بحكم سلطته على أن ينفذ خلال العقبات نفاذ المسمار في الجدار، ومن أجل هذا الاقتران المألوف بين الجانبين، اعتدت أن أجمع بينهما في جملة واحدة، وإني لأجد الشبه قريبا بين هذا النوع من القوة، وبين قوة السحر وقدرة الساحر. فدهش الرفيق العابر لهذه المقارنة العجيبة، وسألني: كيف كان ذلك؟ فقلت له مجيبا: نعم، انظر إلى الساحر باحثا عن حقيقة ما يؤديه، تجده في جميع حالاته يلتمس النتائج من غير مقدماتها، أو قل إنه يأتي بالشيء المطلوب من غير مصادره، أو هو يحاول تعليل الأشياء بغير أسبابها، تلك هي طبيعة السحر وحقيقته، فمثلا إذا كان المطلوب شفاء مريض من علته، فإن الطريق العلمي هو أن نلتمس الشفاء في دواء يكون بينه وبين جراثيم المرض صلة، وأما الطريق السحري فهو أي شيء إلا أن تسعى إلى مقاومة الجرثومة بما يفتك بها على ضوء تجارب العلم في هذا السبيل، صحيح أن الساحر هو أيضا يريد مقاومة المرض، لكنه يتخذ لذلك ما شاء له خياله من تمائم أو بخور، أو تمتمة بما لست تدري وما إلى ذلك من وسائل، وبعد هذا فانظر إلى أساليب الطموح الصاعد عند القادرين، تجدها قريبة جدا مما يلجأ إليه الساحر، وذلك لأنه إذا كانت الوسيلة الطبيعية لتحقيق الطموح هي «العمل» جعله القادرون شيئا آخر غير العمل، وقد رأينا مثلا يوضح هذا فيما يلجأ إليه ريتشارد الثالث في مسرحية شكسبير المسماة بهذا الاسم، في ارتقائه عرش بلاده، وفيما لجأ إليه صاحبنا في بلوغ مأربه.
إنه ليكفيك أن تكون صاحب سلطة ونفوذ، ليكون لك الحق في أن تضع نفسك حيثما أردت أن تضعها، فإذا قلت إنك «عالم» ردد معك الصدى بأنك شيخ العلماء، وإذا اخترت لنفسك أن تكون «أديبا» ردد معك الصدى بأنك فيما زعمته لنفسك، ولقد كان ذلك في حياتنا فارقا هاما يميز صاحب الثقافة بأي جانب من جوانبها، حين يكون مثقفا وصاحب منصب، وحين يكون مثقفا وكفى، فأولهما يشبه المحصن بدروعه، لا تنفذ إليه سهام المقاتلين، والثاني يشبه من دخل حومة النزال عاريا إلا من ثقافته. إنني يا صاحبي أراك وكأنك في شك من صدق ما أقوله. مما يذكرني بالزائر الغريب في «يوتوبيا» توماس مور، حين رأى موكبا يسير في الطريق ركب السائرون في صفوفه بحسب أقدارهم، فلحظ الزائر حول أعناق الرجال في الموكب سلاسل ذهبية تتفاوت حجما، فكلما تقدم الصف كانت السلسلة أكبر، فلما سأل جاره في حشد الناس الذين وقفوا على جانب الطريق يتفرجون: ما هذه السلاسل الذهبية حول الأعناق؟ أجاب الرجل: إنها الدالة على قدر الرجل في مدارج العظمة. وعاد الزائر إلى سؤال جاره: وماذا يحدث لو نزع نازع إحدى هذه السلاسل من صاحبها؟ هل يخرج من الموكب ليقف مع جمهور الناس على جانبي الطريق ؟ فأجابه الرجل بقوله: نعم هو ذاك. فعلق الزائر: أيكون الفرق - إذن - بين إنسان وإنسان في القدر هو سلسلة ذهبية تلتف حول العنق ... وهكذا يا صاحب، ضع المناصب عندنا موضع السلاسل الذهبية في جزيرة توماس مور، تجد أساس التمييز عندنا بين إنسان وإنسان، حتى في مجال الثقافة، ولقد رأيت بنفسي كيف يرشح بعض من يرشحون لأرفع جوائز الدولة، فإذا بمبررات الترشيح عند من رشحوه هي مناصبه العليا التي شغلها، فإذا أردت صبغة مختصرة تصور لك الموقف، على غرار «كوجيتو» ديكارت، قلت لك إن الصبغة عندنا هي: أنا مهم بمنصبي؛ إذن أنا من العلماء (أو من الأدباء أو ما شاء صاحب الشأن أن يختار)، ولا غرابة أن كنا نسمع أيام شبابنا ما لم نكن نفهمه حق الفهم؛ إذ كان الساخرون يفرقون في جماعة المثقفين، بين الرسميين وغير الرسميين، فللأولين صحاف الطعام كلها، حتى إذا ما شبعوا، كانت البواقي لغير الرسميين، وفيم العجب؟ تلك يا صاحبي هي طبيعة الإنسان، فإما جاءت تربية سليمة لتهذيب تلك الطبيعة، وإما بقيت على خشونتها وغلظتها، فالفكرة العجفاء يقدمها «المهم» يرجح بها الميزان، والفكرة نفسها يقدمها الهزيل تهبط بها كفة الميزان، وكما يقول المثل عند غيرنا: إن نكات الملوك تهز السامعين بالضحك، وكما يقول المثل عندنا: إن رأي السلطان سلطان الآراء.
سلطة النفوذ أو نفوذ السلطة قيمة من قيم الحياة البشرية، ذلك حق لا ريب فيه، وليس في الأمر ما يعيب الساعي بحياته نحو ذلك الضرب من ضروب القوة، ولكن المسألة هنا - كما هي في الأمراض النفسية كلها - مرهونة بالاعتدال، أما إذا بولغ في تلك القيمة، فها هنا يكون المرض، إنه لا بأس في حياة الناس العادية أن يكون للخيال نصيب منها، بل لا بد أن يكون للخيال نصيب في حياة الإنسان؛ لأنه هو الذي يعين الإنسان على مجاوزة زمانه ومكانه لينطلق إلى حيث يشاء له خياله أن ينطلق، وإلا أصبح - كأي حيوان - مقيدا بقيود لحظته الحاضرة وبقيود موقع قدميه من الأرض، إن الحيوان لا يستطيع أن يرسم لنفسه صورا لما «ينبغي» أن يكون، ليحاول بعد ذلك أن يجعل تلك الصور المثلى تحل محل ما هو كائن بالفعل في دنيا الواقع، وبهذا يظل الحيوان حبيس واقعه لأنه لا يملك «الخيال»، والإنسان وحده دون سائر الكائنات هو المكرم بخياله؛ فيتوسل به إلى تصور حياة أفضل من حياته، أقول إنها لنعمة كبرى أن كان للإنسان قدرة على «الخيال»، لكن هب إنسانا أغرق في الخيال حتى بعدت حياته عن الواقع وما فيه، أفلا نقول عنه عندئذ إنه مريض بعلة نفسية، ونعرضه على طبيب لعلاجه؟
وهكذا قل في جوانب كثيرة جدا من حياة الإنسان؛ إذ تكون صفة معينة مطلوبا لها أن تكون قائمة لتستقيم للإنسان حياته، ولكن ذلك إنما يكون بالقدر الذي يتلاءم مع الصحة النفسية أو الصحة الجسدية، ثم تنقلب مرضا إذا بولغ فيها، وكذلك الحال في دنيا «القيم»، فقد تكون الصفة المعينة «قيمة» معترفا بها، بل وربما اشترطنا وجودها، حتى إذا ما انحرف بها صاحبها عن قدرتها، كانت مرضا أو ما هو في حكم المرض، وذلك هو ما أقوله عن سلطة النفوذ، فهي «قيمة» تستحق أن يسعى إليها الراغبون فيها، على أن يكون ذلك في حدود التناسب الصحيح الذي تصح به الحياة، أما أن تكون السلطة المتسلطة هي القيمة الأولى بين القيم، ثم أن تكون كذلك تسلطا مطلقا لا تحده حدود، ولا تردعه قوانين؛ فذلك هو المرض الذي يقتضي أن يعالج أصحابه أملا في الشفاء.
إن السلطة النافذة بصاحبها خلال الصعاب، نفاذ المسمار في حجر الجدار هي في حياتنا قيمة القيم، هي القيمة العليا التي لا تعلوها قيمة أخرى، فكل ما عداها يجيء بعدها في الترتيب، ولقد شهدت حياتنا أمثلة كثيرة لأصحاب الثراء - والثراء قيمة - كيف يشترون مواقع السلطة بمالهم، وشهدت حياتنا أمثلة كثيرة لأصحاب العلم - والعلم قيمة - شهدتهم حياتنا وهم يقذفون بالعلم وراء ظهورهم ليسرعوا إلى مقاعد السلطان إذا لاحت لهم منها أصبع تشير، كم أستاذا عظيما من أعلام الجامعة، أغلق خلفه رفوف المراجع العلمية وأبواب المعامل، وأخذ ذيل ردائه بين أسنانه، وهرول بكل عزمه، إذا هو نودي أن تعالى لتظفر بهذا أو بذلك من مناصب الإدارة، وما أسهل عليه عندئذ أن يقول: إنها الخدمة الوطنية تنادي ونحن نلبي النداء، وكأن إثراء العلم ليس خدمة وطنية وإنسانية معا، وكأن تعليم الشباب لحياة الوطن في جيله القادم ليس خدمة وطنية وعلمية وإنسانية في آن واحد، لكن لا وألف مرة لا، فهي السلطة ونفوذها يا صاحبي، إنها في حياتنا قيمة القيم، ليس فوقها قيمة سواها.
Bog aan la aqoon