167

أهل الرأي والدين من قد رأيت ، وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله (ص) فيك « إنك من خير ذي يمن » إئت معاوية بكتابي ، فان دخل فيما دخل فيه المسلمون ، وإلا فانبذ إليه ، وأعلمه أني لا أرضى به أميرا ، وان العامة لا ترضى به خليفة.

فانطلق جرير حتى أتى الشام ، ونزل بمعاوية ، فلما دخل عليه حمد الله وأثنى عليه وقال : أما بعد يا معاوية فانه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين ، وأهل الحجاز وأهل اليمن وأهل مصر ، وأهل العروض عمان وأهل البحرين واليمامة ، فلم يبق إلا هذه الحصون التي أنت فيها ولو سال عليها سيل من أوديته لأغرقها ، وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل ، ثم دفع إليه كتاب علي (ع) وفيه :

** كتاب علي لمعاوية

أما بعد : فان بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بيعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يرد ، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما ، كان ذلك لله رضا ، فان خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ، ردوه إلى ما خرج منه فان أبى ، قاتلوه على إتباع سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا ، وان طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي فكان نقضهما كردتهما ، فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ، فادخل فيما دخل فيه المسلمون فان أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تتعرض للبلاء. فان تعرضت له قاتلتك واستعنت بالله عليك.

وقد أكثرت الكلام في قتلة عثمان ، فأدخل فيما دخل فيه الناس ، ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله ، فأما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن ، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان.

Bogga 168