الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة ؛ ألا ان الدنيا قد ترحلت مدبرة وان الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة اليوم عمل ولا حساب! غدا حساب ولا عمل ؛ الحمد لله الذي نصر وليه ، وخذل عدوه ، وأعز الصادق المحق ، وأذل الناكث المبطل.
عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المستحلين المدعين المقابلين إلينا ، يتفضلون بفضلنا ويجاحدوننا أمرنا ، وينازعوننا حقنا ، ويباعدوننا عنه ، فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا ، ألا أنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم ، وأنا عليهم عاتب زار فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة.
فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي وكان صاحب شرطته فقال : والله إني لأرى الهجر وسماع المكروه لهم قليلا ، والله لو أمرتنا لنقتلنهم. فقال علي (ع): سبحان الله يا مالك جزت المدى وعدوت الحد فأغرقت في النزع. فقال : يا أمير المؤمنين ، لبعض الغشم أبلغ في أمر ينوبك من مهادنة الأعادي؟ فقال (ع): ليس هكذا قضى الله يا مالك ، قال سبحانه : ( النفس بالنفس ) فما بال ذكر الغشم؟ وقال تعالى : ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ). والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك ، فقد نهى الله عنه ، وذاك هو الغشم.
فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي وكان ممن تخلف عنه فقال : يا أمير المؤمنين ؛ أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير ، علام قتلوا؟ أو قال : لم قتلوا؟
فقال (ع): قتلوا بما قتلوا شيعتي وعمالي ، وقتلوا أخا ربيعة العبدي في عصابة من المسلمين قالوا إنا لا ننكث كما نكثتم ولا نغدر كما غدرتم فوثبوا
Bogga 165