68

Wakiilka Qarsoodiga ah: Sheeko Fudud

العميل السري: حكاية بسيطة

Noocyada

تابع السيد فيرلوك خلع ملابسه مع تركيز داخلي غير ملحوظ وكأنه رجل يخلع ملابسه في عزلة صحراء شاسعة وقاحلة. لأن هكذا كان التصور الذي رآه السيد فيرلوك في مخيلته لتلك الأرض، إرثنا المشترك، أنها موحشة ومقفرة. كان كل شيء ساكنا في الخارج والداخل حتى إن صوت دقات عقارب الساعة على بسطة الدرج تسلل إلى داخل الغرفة وكأنه يبحث عن صحبة.

بعدما أوى السيد فيرلوك إلى جانبه المعتاد من الفراش، بقي مستلقيا وصامتا خلف ظهر السيدة فيرلوك. استقرت ذراعاه الضخمتان بإهمال على اللحاف مثل أسلحة ملقاة أو أدوات مهملة. في تلك اللحظة، أمسى على قيد شعرة من أن يفصح لزوجته عن كل ما كان ينوء به صدره. بدت اللحظة مواتية. لما نظر بطرف عينيه، رأى كتفي زوجته العريضتين ملتحفتين بالبياض، ومؤخر رأسها وشعرها مضفور من أجل الليل في ثلاث ضفائر مربوطة بأشرطة سوداء من الأطراف. لكنه أحجم عن ذلك. أحب السيد فيرلوك زوجته كما ينبغي أن تحب الزوجة؛ أو بعبارة أخرى، من منظور الحياة الزوجية، بالمراعاة الواجبة لأهم ما يمتلكه المرء. كان لهذا الرأس ذي الشعر المضفر من أجل الليل وهاتين الكتفين العريضتين مظهر قدسية مألوفة؛ قدسية السلام المنزلي. كانت ساكنة وضخمة وبلا شكل محدد لقوامها مثل تمثال راقد في العراء؛ تذكر نظراتها بعينيها الواسعتين إلى الغرفة الفارغة. كانت غامضة، ويكتنفها غموض الكائنات الحية. لم يكن العميل السري الشهير «دلتا» وأخطر مبعوث لدى بارون ستوت فارتنهايم الراحل، هو الرجل الذي يخترق تلك الألغاز. كان من النوع الذي يسهل تخويفه. كما كان كسولا، ذلك الكسل الذي غالبا ما يكون سر طبيعة طيبة. أحجم فيما يخص ذلك الغموض بدافع الحب والخجل والكسل. سيكون لديه دائما ما يكفي من الوقت. ولعدة دقائق، تحمل معاناته بصمت، في سكون الغرفة الباعث على النعاس. ثم كسر ذلك الصمت بإعلان حازم. «سأسافر إلى أوروبا غدا.»

ربما كانت زوجته قد غطت في النوم بالفعل. لم يكن بوسعه أن يتبين ذلك. في الحقيقة، كانت السيدة فيرلوك قد سمعته. ظلت عيناها مفتوحتان على اتساعهما، وظلت راقدة بلا حراك، وأكدت على قناعتها الغريزية بأنه من المستحسن عدم التنقيب كثيرا عن بواطن الأمور. ومع ذلك، لم يكن من غير المألوف أن يسافر السيد فيرلوك في رحلة كتلك. كان يجدد مخزونه من باريس وبروكسل. وعادة ما كان يذهب لشراء حاجياته بنفسه. كانت جماعة سرية صغيرة منتقاة من الهواة تتشكل حول المتجر الكائن في شارع بريت، جماعة سرية مناسبة جدا لأي عمل يضطلع به السيد فيرلوك الذي - بتوافق سري بين الطبع والضرورة - كان قد تميز بأن يكون عميلا سريا طيلة حياته.

انتظر بعض الوقت ثم أردف: «سأظل في سفري أسبوعا أو ربما أسبوعين. اطلبي من السيدة نيال أن تأتيك نهارا.»

كانت السيدة نيال هي خادمة شارع بريت. كانت ضحية زواج فاشل من نجار فاسق، وأرهقتها احتياجات أطفال صغار كثيرين. كانت ترتدي مئزرا بأكمام حمراء مخيط من قماش خشن يصل إلى الإبطين، كانت تنفث عن معاناة الفقر بالعمل في غسل الملابس في المياه والصابون واحتساء شراب الرم المسكر، وفي ضجة الدعك وقعقعة الدلاء المصنوعة من الصفيح.

تحدثت السيدة فيرلوك من أعماقها بنبرة تنم عن أقل درجات اللامبالاة. «لا حاجة إلى أن تمكث المرأة هنا طوال النهار. سأعتني بالعمل على نحو جيد جدا مع ستيفي.»

تركت الساعة الوحيدة على بسطة الدرج تعد خمس عشرة دقة في هاوية الأبدية، ثم سألت: «هل أطفئ المصباح؟»

رد السيد فيرلوك على زوجته بسرعة بصوت مبحوح. «أطفئيه.»

الفصل التاسع

بعدما عاد السيد فيرلوك من أوروبا بعد عشرة أيام، رجع بعقل لا يظهر عليه أنه انتعش بعجائب السفر إلى خارج البلاد وبطلعة لا تظهر عليها مسرات العودة إلى الديار. دخل مع صوت صلصلة جرس المتجر تعلوه كآبة وإرهاق متكدر. مشى منكسا رأسه وحقيبته في يده إلى خلف منضدة البيع مباشرة، وخر على الكرسي، وكأنه قطع الطريق من دوفر كله سيرا على قدميه. كان ذلك في الصباح الباكر. استدار ستيفي نحوه، وهو ينفض الغبار عن البضائع المعروضة في النوافذ الأمامية، وحدق فيه بنظرة تنم عن الوقار والرهبة.

Bog aan la aqoon