Wakiilka Qarsoodiga ah: Sheeko Fudud
العميل السري: حكاية بسيطة
Noocyada
لم يكن من الممكن أن تمر صراحة هذه الفكرة التي كانت تجول سرا في رأسه من دون بعض الانتقاد الساخر للذات. لا يمكن لرجل يمارس عملا لا يحبه أن يحتفظ بالعديد من الأوهام التي يتصور فيها نفسه في شخصية المنقذ. يمتد النفور وغياب الرونق من المهنة إلى الشخصية. لا نتذوق طعم الراحة النابعة من خداع النفس التام إلا عندما تتوافق الأنشطة المنوطة بنا بالصدفة مع جدية مزاجنا. لم يحب المفوض المساعد عمله داخل وطنه. كان العمل الشرطي الذي كان منخرطا فيه في بقعة بعيدة من العالم قد تضمن شخصية المنقذ في أعمال غير منتظمة أو على الأقل كان ينطوي في بعض الأحيان على المخاطرة والإثارة التي تنطوي عليها بعض الأنشطة. امتزجت قدراته الحقيقية، التي كانت في المقام الأول من نوع إداري، مع ميل للمغامرة. مقيدا إلى مكتب يرتبط نشاطه ارتباطا كبيرا بأربعة ملايين رجل، اعتبر نفسه ضحية مصير مثير للسخرية؛ هو المصير نفسه، بلا شك، الذي أدى به إلى الزواج من امرأة حساسة للغاية تجاه مسألة المناخ الاستعماري، إلى جانب أوجه قصور أخرى تدل على رقة طبيعتها؛ وعلى رقة حسها. ومع أنه حكم على قلقه بطريقة ساخرة، لكنه لم يطرد الفكرة غير اللائقة من عقله. كانت غريزة الحفاظ على الذات قوية بداخله. وعلى النقيض من ذلك، ظل يكررها في ذهنه بتأكيد مقيت ودقة كاملة: «اللعنة! إن مضى هيت اللعين في فعل ما يريده، فسيموت الرجل في السجن مختنقا ببدانته، ولن تغفر لي هي ذلك أبدا.»
ظل من دون حراك، في بدلته السوداء التي تستر جسما نحيلا، وشريط الياقة البيضاء تحت بريق الشعر الفضي القصير المقصوص في مؤخرة رأسه. كان الصمت قد ساد لمدة طويلة لدرجة أن كبير المفتشين هيت تجرأ وتنحنح. أتى هذا الصوت الذي أصدره بأثره. تلقى الضابط الغيور والذكي سؤالا من رئيسه الذي ظل موليا ظهره له من دون أن يتحرك: «هل تقول إن ميكايليس له صلة بهذه القضية؟»
كان كبير المفتشين هيت متأكدا جدا، لكنه كان حذرا.
قال: «في الواقع، يا سيدي، لدينا ما يكفي لنعتمد عليه في المضي قدما. وعلى أي حال، المصلحة تقتضي عدم ترك رجل كهذا طليقا.»
أتاه التعليق بهمهمة: «ستحتاج إلى بعض الأدلة الدامغة.»
رفع كبير المفتشين هيت حاجبيه ناظرا إلى الظهر النحيل ذي السترة السوداء الذي ظل صاحبه يعاند ذكاءه وحماسه.
قال بثقة تامة: «لن تكون ثمة صعوبة في الحصول على أدلة كافية ضده.» ثم أضاف من ملء قلبه إضافة لا حاجة إليها: «يمكنك أن تثق بي في ذلك الأمر يا سيدي»؛ إذ بدا له أنه أمر طيب للغاية أن يكون ذلك الرجل في قبضتهم لتقديمه إلى الشعب في حالة إذا ما أبدى أي سخط بشأن تلك القضية. كان من المستحيل في ذلك الوقت معرفة ما إذا كان سيبدي سخطا أم لا. كان ذلك، بالطبع، يعتمد في نهاية الأمر، على الصحافة. ولكن على أي حال، كان كبير المفتشين هيت، الذي كان بحكم وظيفته رجلا يقدم إلى السجون احتياجاتها من السجناء، ورجلا ذا مواهب قانونية، بحكم المنطق يعتقد أن السجن هو المصير المناسب لكل شخص يعتبر عدوا للقانون. متأثرا بتلك القناعة، ارتكب خطأ يدل على عدم لباقة. سمح لنفسه بضحكة خفيفة تنطوي على بعض الغرور، وكرر قائلا: «ثق بي في ذلك الأمر يا سيدي.»
كان هذا يفوق طاقة المفوض المساعد على الهدوء القسري الذي ظل لمدة تصل إلى ثمانية عشر شهرا يخفي تحته غضبه من النظام ومن مرءوسيه. لم يكن يصلح على الإطلاق للعمل المسند إليه ولا كان ذلك المكان يتناسب مع طبيعته بأي حال من الأحوال، فكان يشعر بما يشبه غضبا يوميا لمحاولة إجبار نفسه على التأقلم على ذلك المكان الذي كان يمكن لرجل آخر ذي طبيعة أنسب أن يتأقلم عليه، برضوخ مبهج للنفس، بعد محاولة أو اثنتين. أكثر ما كان يستاء منه هو ضرورة أن يعتمد بقدر كبير على الثقة. عندما ضحك كبير المفتشين هيت تلك الضحكة الخفيفة، استدار بسرعة على عقبيه، وكأن صدمة كهربية أبعدته عن زجاج النافذة. لم يلمح على وجه الأخير الشعور بالرضا عن النفس المناسب للموقف يتوارى على شفتيه فحسب، بل لمس آثار تيقظ فاحص في عينيه المستديرتين، اللتين كانتا، بلا شك، محدقتين في ظهره، والآن التقتا بنظرته للحظة قبل أن يأخذ الطابع المقصود من تحديقهما الوقت ليتبدل إلى مجرد مظهر دال على الدهشة.
في واقع الأمر، كان المفوض المساعد يتحلى ببعض المؤهلات التي كانت تناسب منصبه. فجأة، انتابه الشك. ومن الإنصاف القول إن شكوكه في أساليب الشرطة (ما لم تصبح الشرطة مؤسسة شبه عسكرية ينظمها هو بنفسه) لم يكن من الصعب إيقاظها. ولو هجعت يوما بداعي السأم الشديد، فإن ذلك كان قليلا ما يحدث؛ وجعله إدراكه المعقول لحماس وقدرة كبير المفتشين هيت يستبعد فكرة الثقة الأخلاقية تماما. قال محدثا نفسه: «إنه ينوي فعل شيء ما»، وعلى الفور انتابه الغضب. سار إلى مكتبه بخطوات مسرعة، وارتمى على الكرسي بعنف. قال مفكرا باستياء غير معقول: «ها أنا عالق بين كومة من الورق، بينما من المفترض أن أمسك كل الخيوط بيدي، ومع ذلك لا يسعني إلا الإمساك بما يوضع في يدي، ولا شيء آخر. ويمكنهم ربط الأطراف الأخرى للخيوط حيثما يشاءون.»
رفع رأسه، والتفت إلى مرءوسه بوجه طويل هزيل ذي ملامح بارزة نشيطة مثل ملامح دون كيخوتي. «الآن، ما الذي تخفيه في جعبتك؟»
Bog aan la aqoon