41

Wakiilka Qarsoodiga ah: Sheeko Fudud

العميل السري: حكاية بسيطة

Noocyada

بدأ كبير المفتشين على الفور في عرض تحقيقه بطريقة واضحة وعملية. استدار رئيسه بكرسيه قليلا، ووضع إحدى رجليه الرفيعتين فوق الأخرى، واتكأ جانبا على مرفقه، وظلل عينيه بإحدى يديه. اتخذت جلسته وهو يستمع شكلا مائلا وحزينا. تحركت خصلات تبدو وكأنها من فضة مصقولة ولامعة على جانبي رأسه المكسو بشعر شديد السواد حينما أماله ببطء في نهاية الأمر.

انتظر كبير المفتشين هيت وكأنه يقلب في عقله كل ما قاله، ولكنه كان في الحقيقة يفكر في مدى ملاءمة أن يضيف شيئا آخر. اختصر المفوض المساعد تردده.

سأله من دون أن يكشف عينيه: «هل تعتقد أنه كان يوجد رجلين؟»

اعتقد كبير المفتشين أن الأمر مرجح. حسب رأيه، افترق الرجلان عن بعضهما على بعد مائة ياردة من أسوار المرصد. وشرح أيضا الكيفية التي ربما يكون الرجل الآخر قد تمكن بها من الخروج من الحديقة بسرعة من دون أن يلاحظه أحد. فمع أن الضباب لم يكن كثيفا جدا، إلا أنه كان في صالحه. يبدو أنه أرشد الرجل الآخر إلى موقع الحادث، ثم تركه هناك كي ينفذ المهمة بمفرده. آخذا في الاعتبار الوقت الذي رأت فيه المرأة العجوز هذين الرجلين يخرجان من محطة ميز هيل، والوقت الذي سمع فيه الانفجار، ارتأى كبير المفتشين أن الرجل الآخر ربما كان في محطة جرينتش بارك بالفعل، مستعدا لركوب القطار التالي، في اللحظة التي كان فيها رفيقه يدمر نفسه تدميرا.

تمتم المفوض المساعد ويده فوق فمه: «دمر نفسه تدميرا؛ أليس كذلك؟»

وصف كبير المفتشين ببضع كلمات قوية، شكل الرفات. وأردف بوجه عابس: «ستتلقى هيئة الطب الشرعي شيئا مميزا.»

رفع المفوض المساعد يده من فوق عينيه.

قال بفتور: «لن يكون لدينا ما نخبرهم به.»

رفع ناظريه، ولبعض الوقت راقب سلوك كبير مفتشيه الذي كان واضحا أنه لا يعبر عن رأي صريح. كان من طبيعته عدم الانقياد بسهولة إلى الأوهام. كان يعرف أن الإدارة تحت رحمة الضباط الذين يرأسهم، الذين كانت لديهم مفاهيمهم الخاصة عن الولاء. كانت حياته المهنية قد بدأت في مستعمرة استوائية. وكان قد أحب عمله هناك. كان عملا شرطيا. كان ناجحا للغاية في تعقب بعض الجماعات السرية الشنيعة وسط السكان الأصليين وتفكيكها. ثم أخذ إجازة طويلة، وتزوج باندفاع نوعا ما. كانا يشكلان ثنائيا جيدا من وجهة نظر دنيوية، لكن زوجته كونت رأيا سلبيا عن المناخ الاستعماري استنادا إلى أدلة قائمة على أقوال مرسلة. ومن ناحية أخرى، كانت لديها علاقات مع أطراف من ذوي النفوذ. كانا يشكلان ثنائيا ممتازا. ولكنه لم يكن يحب العمل الذي كان عليه القيام به الآن. شعر بأنه كان معتمدا على عدد أكثر من اللازم من المرءوسين والرؤساء. أثقل كاهل روحه وجوده عن قرب من تلك الظاهرة العاطفية الغريبة المسماة بالرأي العام، كما أقلقته طبيعتها غير العقلانية. لا شك في أنه عن جهل منه بالغ في قوتها في الخير والشر، خاصة في الشر؛ وزادت الرياح الشرقية العاصفة للربيع الإنجليزي (متوافقا مع زوجته في ذلك) من فقدان ثقته عموما في دوافع الرجال وفي كفاءة تنظيمهم. أفزعه عدم جدوى العمل المكتبي بخاصة في تلك الأيام المرهقة جدا لكبده الحساس.

نهض، ووقف منتصبا، وبخطى متثاقلة يمكن ملاحظتها في رجل بمثل نحوله، مشى عبر الغرفة إلى النافذة. انهمرت زخات المطر على الألواح الزجاجية، وكان الشارع القصير الذي نظر إليه مبتلا وخاليا من المارة، وكأن فيضانا عظيما اجتاحه فجأة. كان يوما عصيبا جدا؛ إذ بدأ بضباب خانق وانتهى الآن بمطر بارد غامر. بدت ألسنة اللهب الوامضة والخافتة التي تشعها مصابيح الغاز وكأنها تذوب في هذا الجو المطير. وظهرت الحجج المتغطرسة للبشر الذين قمعهم إذلال سوء الطقس وكأنها غرور هائل وعديم الجدوى يستحق السخرية والعجب والشفقة.

Bog aan la aqoon