Wakiilka Qarsoodiga ah: Sheeko Fudud
العميل السري: حكاية بسيطة
Noocyada
كان الأمر مثل لقاء في رواق جانبي لقصر ينبض بالحياة. كان الرجل قوي البنية يرتدي معطفا داكن اللون مزررا، ويحمل مظلة. كشفت قبعته، المائلة إلى الوراء، جزءا كبيرا من جبهته، التي بدت بيضاء جدا في العتمة. وفي البقعتين الداكنتين وسط المحجرين، التمعت عينان ثاقبتان. شكل طرفا شارب طويل متدل، بلون الذرة الناضجة، إطارا للمساحة المربعة لذقنه الحليق.
قال باقتضاب: «أنا لا أبحث عنك.»
لم يتحرك البروفيسور قيد أنملة. انخفضت الضوضاء المختلطة للمدينة الكبيرة فصارت همهمة خفيضة غير مفهومة. غير كبير المفتشين هيت من إدارة الجرائم الخاصة من نبرته.
سأله ببساطة ساخرة: «ألست في عجلة للذهاب إلى منزلك؟»
بصمت ابتهج الوكيل الأخلاقي للتدمير القصير ذو المظهر البغيض لامتلاكه لمكانة شخصية، وظل يراقب هذا الرجل المسلح بتفويض الدفاع عن مجتمع مهدد. كان أسعد حظا من كاليجولا، الذي تمنى لو كان لمجلس الشيوخ الروماني زعيم واحد فقط من أجل إشباع شهوته الوحشية إشباعا أفضل؛ فقد ارتأى في ذلك الرجل جميع القوى التي وضعها موضع التحدي؛ قوة القانون وقوة الملكية وقوة القمع وقوة الظلم. رأى أمامه جميع أعدائه ودون خوف واجههم جميعا في إرضاء فائق لغروره. وقفوا جميعا أمامه في حيرة من أمرهم وكأنهم أمام نذير شؤم مروع. سر في نفسه بشماتة لأنه سنحت له فرصة هذا اللقاء الذي يثبت تفوقه على كل البشر.
كان في الحقيقة لقاء بالصدفة. كان هيت كبير المفتشين قد مر بيوم مزعج حافل بالعمل منذ أن تلقت إدارته البرقية الأولى من جرينتش قبل الساعة الحادية عشرة صباحا بقليل. بادئ ذي بدء، كانت حقيقة أن الاعتداء جرى بعد أقل من أسبوع من تأكيده لمسئول رفيع المستوى أنه لم يكن ثمة اندلاع لنشاط لا سلطوي يخشى منه، مزعجة بما فيه الكفاية. كان مطمئنا لإدلائه لهذا التصريح مثلما لم يكن في أي وقت مضى. كان قد أدلى بهذا التصريح برضا متناه عن نفسه؛ لأنه كان من الواضح أن المسئول رفيع المستوى كان يرغب بشدة في سماع خبر كهذا. كان قد أكد له أنه لا يمكن حتى التفكير في شيء من هذا القبيل من دون أن تكون الإدارة على علم به في غضون أربع وعشرين ساعة؛ وكان قد تفوه بتلك الكلمات مدركا أنه الخبير الكبير في إدارته. كان قد تمادى إلى حد أنه تفوه بكلمات ينأى الحكيم الحق عن التفوه بها. ولكن هيت كبير المفتشين لم يكن حكيما جدا، على الأقل لم يكن كذلك في الحقيقة. إن الحكمة الحقة - التي تدعو إلى عدم التيقن من أي شيء في هذا العالم المليء بالتناقضات - كانت ستمنعه من الوصول إلى مكانته الحالية. كانت ستثير قلق رؤسائه، وتقضي على فرصه في الترقي. فقد كانت ترقيته سريعة جدا.
كان قد صرح قائلا: «يا سيدي، إذا أردنا العثور على أي واحد منهم، لوجدناه في أي وقت من الليل أو النهار. إننا نعرف ما يفعله كل واحد منهم ساعة بساعة.» وتلطف المسئول رفيع المستوى بابتسامة. كان من الواضح للغاية أن هذا هو القول الصواب إذا كان صادرا من ضابط بسمعة كبير المفتشين هيت التي كانت مرضية تماما. صدق المسئول الكبير التصريح، الذي توافق مع فكرته عما تقتضيه صحة الأمور. كانت حكمته تنبع من منطلق خلفيته الرسمية، وإلا لما فكر في مسألة ما من منطلق التنظير بل من منطلق الخبرة، بأنه في النسيج المتداخل للعلاقات بين المتآمر والشرطة تظهر حلول غير متوقعة في الثغرات المستمرة والمفاجئة في المكان والزمان. يمكن مراقبة لا سلطوي معين شبرا بشبر ودقيقة بدقيقة، ولكن دائما ما تأتي لحظة يفقد فيها أثره بطريقة ما ويختفي عن الأنظار بضع ساعات، وفي تلك الساعات يحدث شيء (عادة انفجار) تقل أو تزيد نتائجه الكارثية. لكن المسئول الكبير، منقادا بإحساسه بما تقتضيه صحة الأمور، ابتسم، والآن كان تذكر تلك الابتسامة مزعجا جدا لكبير المفتشين هيت، الخبير الأول في نهج اللاسلطويين.
لم يكن هذا هو الظرف الوحيد الذي كدرت ذكراه الصفو المعتاد للاختصاصي البارز. كان يوجد ظرف آخر يرجع توقيته إلى صباح ذلك اليوم. كانت فكرة أنه عندما استدعي إلى المكتب الخاص للمفوض المساعد، لم يتمكن من إخفاء ذهوله، مثيرة للحنق من غير ريب. علمته غريزة الرجل الناجح منذ وقت طويل قاعدة عامة مفادها أن السمعة تبنى على الأسلوب بقدر ما تبنى على الإنجاز. وشعر أن أسلوبه لما أخبر بأمر البرقية لم يكن محل إعجاب. كان قد فتح عينيه على اتساعهما وصاح: «مستحيل!» معرضا نفسه بذلك إلى الرد الذي لا إجابة عليه المتمثل في طرف إصبع وضع بقوة على البرقية التي كان المفوض المساعد قد طرحها على المكتب بعد أن قرأها بصوت عال. لم تكن تجربة سارة أن يسحق، إن جاز التعبير، تحت طرف سبابة. يا له من أمر مدمر أيضا! إضافة إلى ذلك، أدرك كبير المفتشين هيت أنه لم يصلح الأمور عندما سمح لنفسه بالإعراب عن قناعة لديه. «شيء واحد يمكنني أن أخبرك به على الفور؛ لم يكن لأي أحد في مجموعتنا أي علاقة بهذا الأمر.»
كان قويا في نزاهته باعتباره محققا كفئا، ولكنه رأى الآن أن لو كان قد احتاط وانتبه انتباها شديدا بشأن هذا الحادث، كان ذلك سيفيد سمعته إفادة أفضل. من ناحية أخرى، اعترف أمام نفسه أنه كان من الصعب أن يحافظ المرء على سمعته إذا كان دخلاء سيشاركون في المسألة. الدخلاء لعنة على الشرطة كما هو الحال في المهن الأخرى. كانت نبرة المفوض المساعد لاذعة لدرجة توغر صدر المرء.
منذ الإفطار، لم يدخل في جوف كبير المفتشين هيت أي طعام.
Bog aan la aqoon