[المناجاة]
قال الوافد: فما تقول في المناجاة ؟
قال العالم: لا تكون المناجاة، إلا على الرجاء والمصافاة، بقلب سليم من الآفات، والظنون والغيبات، ثم تقول: إلهي إن لم أكن لحقك راعيا، لم أكن لغيرك داعيا، وإن لم أكن في طاعتك مسابقا، لم أكن لأعدائك مطابقا، وإن لم أكن لك عابدا، لم أكن لآياتك معاندا، وإن لم أكن لحبك واجدا، لم أكن لغيرك ساجدا، وإن لم أكن إلى الخيرات مسارعا، لم أكن لباب الخطيئات قارعا، وإن لم أكن لحدودك حافظا، لم أكن بكلام السوء لافظا، وإن لم أكن في الصلاة خاشعا، لم أكن لأعدائك خاضعا، وإن لم أكن في سبيلك مجاهدا، لم أكن لدليلك جاحدا.
إلهي كيف يصافيك من لا يأتيك ؟! وكيف يرجوك من لا يتقرب إليك ؟! أنا المتخلف عن أقراني، أنا الضعيف في أركاني، أنا الفريد بحفرتي عن إخواني، أنا الذي لم أحقق إيماني، سيدي قد أتيتك بفاقتي، وجئت إليك لما عدمت طاقتي، أنت العالم بجرمي، المطلع على ظلمي، المحصي لخطيئتي، الشاهد على طويتي، الناظر لي في خلوتي.
إلهي كسدت بضاعتي، وخسرت تجارتي، ولم اتزود من حياتي، وقد أتيتك وقد قربت وفاتي.
إلهي إن لم تقبلني فأين الملجأ، وإن رددتني فأين المنجا، وإن لم تغفر لي فأين الملتجا ؟!!! من للعبد إلا مولاه ؟! ذهبت أيامي، وبقيت آثامي، فلا تذل مقامي، ولا تحجب عني أمامي، يا من ابتدأني بفضله، وأكرمني بتطوله.
ما الحيلة أعضائي ذليلة، ما الحيلة أحزاني طويلة، ما الحيلة حسناتي قليلة، ما الحيلة وليس لي وسيلة.
Bogga 278