Oxford Poetry ، وقد بقي شاعرا طوال حياته، مخالفا بذلك الكثيرين من أدباء عصره، الذين انحرفوا من الشعر إلى النثر، وهو الآن شاعر ثائر على العالم الذي يقوم على الأسس العلمية، كما أنه ثائر على ازدياد نفوذ العلم في الحياة. وهو في هذه القصة التي نقدمها إلى قراء العربية يتخيل أن الإنسان سوف يتناسل في المستقبل، لا عن طريق الحب والتقاء الرجل بالمرأة، ولكن عن طريق العلم، وتكوين الأطفال بطريقة علمية داخل القوارير، وهكذا يصور لنا هكسلي العلم في صورة تشمئز منها النفوس وتقشعر الأبدان. ولعل هذا التطرف في الخيال هو الذي جذب إلى هكسلي كثيرا من القراء.
وهو حفيد توماس هنري هكسلي العالم الشهير الذي تلقى عليه العلم ه. ج. ولز، وبين الحفيد وجده شبه كبير في الصورة والقسمات. وينحدر هكسلي من ناحية أمه من أسرة توماس أرنولد، ناظر مدرسة رجبي الشهير ، ومن بين أقربائه من كان أستاذا، ومن كان عالما، أو شاعرا، أو روائيا. فلو تصورنا هذه المجموعة من الرجال الممتازين حول فراش مولده عام 1894، أدركنا ما في دمائه من مواهب، وقد استطاع بقلمه وذكائه أن يرتفع إلى سماء الشهرة.
وهو رجل طويل القامة، نحيل القوام، حتى إن أطفال هامستد
Hampstead
كانوا يتجمعون حوله في شبابه الباكر ويهزءون به، غير أن طول قامته يخيل للناظر إليه أنه يعيش في عالم غير عالمنا، وأنه شامخ بعظمته، وما أبعد هذا عن الصواب، فإن هكسلي يتحدث إلى كل من يلقاه في سهولة وتواضع، وهو رجل شديد المرح، لا يتصف بالتزمت، وهو يستعمل في أحاديثه كثيرا من غريب اللفظ؛ لا لأنه يتكلف في الحديث، ولكن لأن الرجل غريب في تفكيره، وهو بحاجة إلى هذه الألفاظ يعبر بها عما يختلج في نفسه، وهو مولع بلقاء الشواذ من الناس، ومشاهدة الشاذ من المناظر؛ لأن به ميلا نحو الشذوذ.
وقد قاسى كثيرا وهو في طفولته من ضعف بصره، الذي كاد أن يفقده ويعيش ضريرا أعمى البصر، وقضى أياما كثيرة وحده في غرفة مظلمة لا يستطيع القراءة، ولا تقع عيناه على شيء، فانقلب إلى دخيلة نفسه يفكر فيها ويتأمل، وكان لهذه الفترة أثرها الكبير في كل ما كتب فيما بعد، وزال الخطر، واسترد الكاتب بصره، ولكنه لا يزال ضعيف النظر، وتعلم في إكسفورد، وفيها نشر بعض قصائده كما قدمت، وبعدما أتم دراسته في الجامعة اشتغل بالصحافة، ونشر عدة مقالات جمعها في كتابه «على الهامش»
On the Margin
ثم جمع بعضا من قصصه في كتاب سماه «السجن»
Limbo ، وهو فاتحة عهد جديد في حياته الأدبية.
وبعد «السجن» مارس كتابة الرواية الطويلة، مستوحيا فيها الكاتب توماس بيكوك
Bog aan la aqoon