ودفع المدير الزر إلى الوراء، فصمت الصوت، ولم يبق إلا صداه الخفيف يدق تحت الوسادات الثمانين.
إنهم يكررون ذلك أربعين أو خمسين مرة أخرى قبل أن يستيقظوا، ثم يكررونه يوم الخميس مرة ويوم السبت مرة أخرى. مائة وعشرين مرة، ثلاث مرات كل أسبوع، لمدة ثلاثين شهرا، وبعد ذلك ينتقلون إلى درس أرقى.
الورود والهزات الكهربية، واللون الكاكي الذي يلبسه الطراز «د»، ونفحة من نبات «أبي كبير»، هذه وتلك تقترن اقترانا لا ينفك قبل أن يستطيع الطفل الكلام، ولكن التكييف بغير لفظ ساذج إجمالي لا يظهر الفروق الدقيقة، ولا يقرر في الذهن طرق السلوك شديدة التعقيد، الألفاظ ضرورية هنا، ولكنها ألفاظ لا تقوم على العقل، هي - بإيجاز - هبنوبيديا. «أعظم قوة خلقية واجتماعية في جميع العصور.»
ودون الطلبة ذلك في كراساتهم الصغيرة رأسا من فم المدير.
ولمس المدير الزر مرة أخرى.
وكان الصوت الناعم الملقن الذي لا يفتر يقول: «مهرة جدا، إني حقا جد سعيد؛ لأني من الطراز «ب»؛ لأني ...» «حقا إن الماء - وإن يكن لا يشبه القطرات - يستطيع أن يشق الثقوب في أشد أحجار الجرانيت صلابة، كما أن القطرات من سائل الشمع الأحمر تلتصق بما تقع فوقه وتغلقه وتتحد به، حتى يصبح الصخر في النهاية كتلة واحدة قرمزية.
حتى يصبح عقل الطفل في النهاية هو هذه الإيحاءات، ومجموع هذه الإيحاءات هو عقل الطفل، وليست عقل الطفل فحسب، إنما عقل الراشد كذلك - طوال حياته. إن العقل الذي يحكم ويشتهي ويقرر يتكون من هذه الإيحاءات، ولكن كل هذه الإيحاءات هي من إيحائنا!» وكاد المدير يصيح من نشوة الظفر، ثم قال: «من إيحاء الدولة.» وضرب على أقرب منضدة ضربة شديدة، وقال: «ويتبع ذلك ...»
وسمع ضجيجا، فالتفت حول نفسه.
ثم قال بنغمة أخرى: «يا لله! لقد أيقظت الأطفال.»
الفصل الثالث
Bog aan la aqoon