وسكت عن الكلام بغتة وفكر في أمه، وقد كانت لندا في غرفتها في الطابق السابع والثلاثين، تسبح في بحر من الأضواء المغنية والتدليك المعطر - ثم اختفت من المكان والزمان، ومن سجن ذكرياتها وعاداتها وجسمها المسن المترهل، وما زال توماكين المدير السابق لمعامل التفريخ والتكييف في عطلة من الإذلال والألم، في عالم لا يستطيع أن يسمع فيه تلك الكلمات، وذلك الضحك الساخر، ولا يستطيع أن يرى فيه ذلك الوجه القبيح، ولا يستطيع أن يحس فيه بتلك الأذرع المبتلة المترهلة تطوق جيده، كان في عالم جميل ...
واستمر الهمجي يقول: «إن ما تحتاجون إليه هو شيء يستدر الدموع تغيرون به هذه الحال، لست أرى شيئا هنا له قيمة تذكر.»
وكان هنري فستر قد احتج على الهمجي، حينما ذكر له ذلك وقال: «اثنا عشر مليونا ونصف من الريالات؛ هذه هي تكاليف مركز التكييف الجديد، ولا تقل عن ذلك فلسا واحدا.»
ثم سأل مصطفى مند موجها نحوه بصره، قال: «عرضوا كل ما هو فان غير أكيد لكل ما يستطيعه الحظ والموت والخطر، حتى لو ظفرتم بقشر بيضة واحدة، أليس في هذا مغزى؟» ثم قال: بغض النظر عن الله - وإن يكن الإله بالطبع يكفي سببا لذلك - أليس للحياة الخطرة معنى؟
فأجاب المراقب بقوله: «إن لها لمعنى عظيما، لا بد من تنبيه الغدد التي فوق الكلى عند الرجال والنساء من آن لآخر.»
فلم يفقه الهمجي قوله وقال: «ماذا؟» - «ذلك أحد شروط الصحة الكاملة، ومن أجل ذلك جعلنا علاج ال ع. ع. ج إجباريا.» - «ع. ع. ج؟» - «العاطفة العنيفة الجديدة، مرة كل شهر باطراد، نغمر الجهاز كله بالأدرنين، وذلك مقابل فسيولوجي كامل للخوف والغضب، إننا نحصل بذلك على كل الآثار المقوية، التي نجمت عن قتل دزدمونا، وجريمة القتل التي ارتكبها عطيل، دون أن نتعرض لما لابسها من مضايقات.» - «لكني أحب المضايقات؟»
فأجابه المراقب: «نحن لا نحبها، ونؤثر أن نؤدي أعمالنا مع الراحة.» - «لكني لا أحب الراحة، أريد الله، وأريد الشعر ، وأريد الخطر الحق، وأريد الحرية، وأريد الخير، وأريد الخطيئة.»
فقال له مصطفى مند: «إنك في الواقع تطالب بحقك في أن تكون غير سعيد.»
فقال الهمجي متحديا: «فليكن ذلك، إنني أطالب بحقي في أن أكون غير سعيد.» - «لست بحاجة إلى أن أذكرك بحقك في الشيخوخة والقبح والعجز الجنسي، وبحقك في أن تصاب بالزهري والسرطان، وحقك في قلة الطعام، وحقك في وباء القمل، وحقك في أن تعيش في خوف دائم مما عساه يحدث في الغد، وحقك في الإصابة بالتيفود، وحقك في أن تعاني العذاب من ضروب الآلام المختلفة التي لا توصف.»
وكان صمت طويل.
Bog aan la aqoon