Caalamka Saddexda iyo Xayndaabyada
عالم السدود والقيود
Noocyada
ويتوقف الكثير من هذه المزايا على درجات السلوك وهي ثماني درجات لكل يوم، ومن استوفى المقدار المطلوب من هذه الدرجات أسقط عنه ربع المدة، واستحق التوصية عليه بعد خروجه لتدبير عمل ومورد معيشة.
وفي السجون مكتبات تبلغ عدة الكتب في بعضها اثني عشر ألف مجلد، وتتلى على السجناء أخبار العالم مرة كل أسبوع ملخصة من الصحف السيارة، ويباح لهم سماع الإذاعة وأغاني «الحاكي» ولعب الشطرنج وبعض الألعاب الرياضية، وتلقى عليهم المحاضرات في موضوعات شتى يختارها مدير السجن أو قسيسه، ويسمح لهم بالتمثيل وتنظيم الحفلات في أيام الأعياد، وطعامهم على العموم خير في مادته وفي تنويعه من الطعام المسموح به للسجناء المصريين، أما العقوبات فهي كما في مصر الجلد، والسجن المنفرد، وغذاء الخبز والماء.
ويؤخذ من رواية هانس فلادا الألماني ومن بعض الرسائل الأوروبية أن حالة السجون في أوروبا تقرب من هذه الحالة وتشبهها كل المشابهة أو بعض المشابهة بغير اختلاف في الجوهر، إلا الروسيا فإن للسجن فيها نظاما مفرطا في التوسعة والترفيه، نعتمد في وصفه على كتاب السير جيمس برفس ستوارت «رحلة طبيب في روسيا» الشيوعية إذ يقول من كلامه على مدينة موسكو:
كل حجرة على بابها مذيع، والفراش نظيف ومريح، والنوافذ المشبكة بقضبان الحديد واسعة، والأبواب تترك مفتوحة إلا ما بين الساعة الواحدة والساعة السادسة، بحيث يتيسر للسجناء أن يتزاوروا كما يحبون، وقد مررنا بحجرة مغلقة أغلقها السجين باختياره، فلما شعر بنا فتح الباب ودعانا إلى زيارته وأخبرنا أنه حكم عليه بالسجن عشر سنوات؛ لاختلاسه واحدا وسبعين ألف روبل من مصنع سكر، وأنه مفرج عنه ذلك اليوم، وهو مغتبط متهلل بعد أن قضى في السجن ست سنوات وعشرة أشهر وخمسين يوما، وعوفي من قضاء المدة الباقية لاجتهاده وحسن سلوكه، وقال لنا: إنه وجد وظيفة كتابية في مصلحة التجارة بسبعمائة روبل مشاهرة، وسيبدأ العمل فيها على إثر خروجه.
ويأكل السجناء في حجراتهم ريثما تبنى في السجن حجرة واسعة للمائدة العامة، ويطلب من كل سجين أن يعمل ثماني ساعات كل يوم تتخللها ساعة للطعام، وينقسم السجناء إلى قسمين فمن كان منهم أميا يجهل الكتابة وجب أن يتعلمها على يد زملاء له من الذين كانوا مشتغلين بالتدريس خارج السجون، أما المتعلمون فيلحقون ببعض مصانع السجن؛ ليمارسوا صناعات يدوية معظمها من قبيل الغزل والنسيج والخياطة والزركشة، ولهم على ذلك مرتب يتراوح بين ثلاثين وخمسة وثلاثين روبلا مشاهرة، تودع بأسمائهم في خزانة السجن وتسلم إليهم يوم الإفراج، ويسمح للسجين أن ينفق حصة من مرتبه في شراء الملابس والتبغ واللوازم ما عدا المشروبات الروحية فهي محظورة، وله بعد قضاء سنة يوم إجازة كل أسبوع يقضيه في بيتهن وتزاد الإجازة إلى أسبوعين خلال السنوات التالية، أما إذا كان السجين فلاحا فله أن يقضي ثلاثة أشهر في قريته أثناء الحصاد، وللأصدقاء والأقارب أن يزوروا كل سجين مرة كل عشرة أيام أثناء السنة الأولى، ومرة كل خمسة أيام فيما يلي ذلك من السنين؛ لأنهم يختارون من بين السجناء وتعقد لهم لجنة لمعاقبة زملائهم الذين يخالفون النظام، وإنما يقصر حمل السلاح على الحراس الخارجيين، بل قد تشرف اللجنة على تصرفات موظفي السجن، وتقترح التعديل في بعض النظم المرسومة.
وهناك جماعة للتمثيل، وأخرى للشطرنج، وقسم للتصوير، وقسم للموسيقى، وقسم لهندسة الآلات، ومكتبة فيها ستة آلاف مجلد تشتمل على التاريخ، والصناعة، والأدب، والروايات، ويشرف عليها كتبي رقيق في الثالثة والعشرين يقضي سنتين؛ لاقترافه جريمة شهوية يخجل من التحدث عنها إلا بأنها تقع تحت طائلة المادة 182 من قانون العقوبات، وقد حولوا كنيسة السجن إلى مسرح جميل، وأزالوا الحواجز التي كانت تفصل كل سجين عن زميله عند شهود العظة الدينية.
وكل يوم من أيام العمل يحسن السجين أداءه يعفيه من يوم ونصف من أيام العقوبة، وأيام العمل خمسة والسادس للراحة، ومن يقصر أو يتكاسل يعاقبه زملاؤه بالحرمان من الإجازات والزيارات، والمسليات، وبعض المزايا الأخرى.
وفي السجن حمامات معتادة وحمامات تركية ساخنة، وقد شاهدت حجرة الحلاق يغشاها عدة سجناء للتزيين والتجميل، والأجرة عشرون كوبكا لحلاقة الذقن، وثلاثون لقص الشعر، وخمسة وأربعون للتدليك، وثلاثون للتعطير، وستون لحلق الرأس كله، أما قص الشعر كما يقص عادة في السجون فهو بالمجان.
وفي السجن صيدلية ومستشفى يديره طبيب «غير سجين» وممرضة، ويشرف على مطبخ المستشفى شيخ ظريف ذو عوارض وشوارب طوال يتلهى بلفها على أذنيه! وعقوبته عشر سنوات لقتله امرأته غيرة عليها! وطبيب الأسنان يقيم في الحجرة التي كانت من قبل حجرة سوداء، وهي الآن مضاءة واسعة النوافذ، ومن هنا وهناك في الأبهاء العامة والحجرات عمدان الدعاية، وصحف مصورة يكتبها السجناء ... إلخ إلخ.
هذا نظام السجن في موسكو كما وصفه الطبيب الإنجليزي الكبير، ولم يقل لنا ما هي نتائجه في الحياة العامة، ولكنه روى على أثر هذا الوصف أن السجناء لا يحاولون الفرار ولا ينصرفون من السجن في إجازة أو زيارة إلا عادوا إليه، وهذا طبيعي لا غرابة فيه بعد ذلك الوصف، وفي وسعنا أن نتخيله بغير مشاهدة ولا إخبار.
Bog aan la aqoon