Caalamka Saddexda iyo Xayndaabyada
عالم السدود والقيود
Noocyada
ويقول سامع القصة لمدير الشرطة سائلا: لا أظن الزوجين قد نسيا ما اقترفا؟
فيجيبه المدير: «إني لن أدهش إذا كانا قد نسياه، فإن الذاكرة الإنسانية قصيرة الأمد قصرا يستغرب، ولئن سألتني رأيي من الوجهة الفنية لم أحجم أن أبوح لك بأنني لا أعتقد أن الندم لاقتراف الجريمة يرين ثقيلا على ضمير إنسان، إذا كان على يقين من كتمان سره.»
ويعود سامع القصة فيسأل: «ألا تشعر بشيء من النفرة أو القلق وأنت جالس إلى هؤلاء القوم؟ أنا لا أرغب في انتقادك، ولكني أراني مضطرا أن أكاشفك بأنني لن أحسبهم مستطيعين أن يكونوا أناسا لطفاء!»
فيجيبه المدير: «إنك في هذا لأنت على خطأ، إنهم ناس جد لطفاء، وهم معدودون هاهنا بين خيار القوم، والسيدة كارتريت على الخصوص «معتبرة» أنيسة المحضر، ومن عملي أن أمنع الجريمة وأن أعتقل المذنب بعد وقوعها، ولكن خبرتي بالمجرمين أكبر من أن تدعني أظنهم على الجملة شرا من الآخرين، وقد تدفع الضرورات رجلا دمثا إلى اقتراف جرم محظور فيكشف ويناله الجزاء، إلا أنه لا يندر أن يظل بعد ذلك رجلا دمثا كما كان، نعم إن المجتمع يعاقبه على انتهاك قوانينه وهو حق لا نزاع فيه، ولكن أعمال الإنسان ليست في كل حين هي دليل باطنه الخفي وجوهره الصميم، ولو أنك زاولت صناعة الشرطي كما زاولتها عهدا طويلا لرأيت أن المهم في أمر الإنسان هو كيف يكون لا كيف يعمل، وماذا هو لا ماذا صنع ... ومن دواعي الغبطة أن الشرطي لا شأن له بأفكارهم وإنما شأنه كله متصل بأعمالهم، ولو كان الأمر على غير ذلك لاختلف جد الاختلاف ولعاد أصعب مما هو الآن بكثير.»
وخلاصة الرأي الذي يذهب إليه الكاتب الخبير أن كثيرا من المعاقبين يشبهون كثيرا من غير المعاقبين، وأن بعض الجناة إذا أفلتوا من الجزاء لم يميزهم أحد بوسم خاص أو علامة ظاهرة بين سائر الناس.
ولهذا الرأي أنصار كبار بين رجال القانون المؤهلين لدراسة هذه الأمور، وفي طليعتهم المحامي الأمريكي النابه «كلارنس دارو» صاحب كتاب «الجريمة وأسبابها ومعالجتها» وهو حجة في هذا الموضوع لسعة علمه ووفرة القضايا الجنائية التي درسها ودافع عن جناتها، والقضايا الجنائية في أمريكا مدرسة زاخرة بالمعارف والعظات، لا يتاح نظيرها في الأقطار الأوروبية أو الشرقية؛ لأن جرائم الحضارة الحديثة في أمريكا قد بلغت من الإتقان والتنوع مبلغ الفنون المحكمة التي تستنفد جهود المحققين والقضاة والمحامين.
وفي وسعنا - بل الواجب علينا - أن نفهم هذا الرأي دون أن يتقاضانا فهمه أن نتبعه ونسترسل معه إلى نتائجه البعيدة.
فمما لا شك فيه أننا نستطيع أن نؤمن بهذا الرأي، ونستطيع أن نؤمن معه بالحقائق الضرورية لمنع البغي على المجتمع، ومنع البغي على الجناة والمسيئين.
فمهما يقل القائلون في تساوي بعض المعاقبين وبعض الناجين من العقاب، فهناك حقيقتان ليس فيهما خلاف بين الباحثين في موضوع الجريمة والعقاب: أولاهما أن المجرمين الذين يشبهون سائر الناس يستحقون أن يعاقبوا؛ لأنهم مسئولون عن أعمالهم، والثانية أن المجرمين الموسومين بالشذوذ الخلقي يحتاجون إلى عناية الطب، كما يحتاجون إلى علاج الشريعة.
يرى «كانت» أن عقاب المجرم واجب وحق، ولو لم تكن له نتيجة غير جزاء العمل بمثله ومقابلة الأضرار بالأضرار، فإن العدل البديهي يأمر بأن من يؤلم يتألم ومن يسيء يسأ، والضمير الإنساني يأبى أن يرى شقيا معذبا، ومن يشقيه ويعذبه يغدو ويروح آمن السرب مستريح البال، ولو لم يتماد في الإيذاء والتعذيب.
Bog aan la aqoon