والدنمارك إذن دولة اصطنعها الإنسان من بين طبيعة غير خيرة تماما، ولا أدل على ذلك من مجهودات التوسع الزراعي في جتلند ونشأة الصناعة في كوبنهاجن، 76٪ من المساحة مزروعة على أحدث الوسائل الزراعية للدرجة التي أصبح إنتاج الفدان فيها أكبر من أي دولة أوروبية أو في العالم باستثناء هولندا، ولقد تعلم الدنماركيون من الهولنديين عددا من الأشياء مثل الزراعة الكثيفة في أرض محدودة رطبة كثيرة السكان، ولكنهم فاقوا دولا عديدة في الإدارة الكفأة للإنتاج وتعميم إنتاج عالي الجودة لمنتجات الألبان والدواجن والبيض ولحم الخنزير وكلها تصدر بكميات كبيرة، ومستوى الإنتاج الدنماركي يعتبر القمة في نوعه في أوروبا، وقد ساعد انتشار الحركة التعاونية في الإنتاج والتصنيع والتسويق على الجودة وأعطى المزارعين الصغار ميزة المزارع الكبرى.
وعلى هذا فالاقتصاد الدنماركي موجه للتجارة الدولية وليس للكفاية المحلية فقط، وصادراته تحتوي على الألبان ومنتجاتها واللحم ومنتجاته والسكر والبيرة والسفن والآلات، ولكن مقابل ذلك تستورد الدنمارك كميات كبيرة من الأغذية وخاصة الحبوب، والوقود والفحم والمعادن والمنسوجات والمخصبات، فليس في الدنمارك ثروة معدنية، وكذلك للدنمارك أسطول صيد كبير وأسطول تجاري حمولته 2,3 مليون طن، بالإضافة إلى تجارة الترانزيت الكبيرة في كوبنهاجن.
وخلاصة القول أن الدنمارك، من بين دول نورديا، هي الأكثر اعتمادا على التجارة الخارجية، وأكبر عملائها هم من دول أوروبا الغربية وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا، ونظرا لأهمية الزراعة بهذه الصورة الحيوية، فإنه لا بد من دراسة موجزة للزراعة الدنماركية. (5) دراسة الزراعة في الدنمارك
الزراعة الدنماركية - كما سبق توضيحه - وصلت إلى مستوى عال خلال فترة قصيرة، لدرجة أن وصف الدنمارك بالدولة الزراعية هو وصف شائع، ولكن ذلك كان إلى قبل عشرين سنة على الأكثر، والأصح أن توصف الآن بأنها دولة زراعية صناعية.
في عام 1955 كان نحو 22٪ من مجموع السكان يعملون بالزراعة، ولكن إذا أضفنا إليهم عدد الذين يعملون في مجال الخدمات المرتبطة بالزراعة، مثل النقل والتصنيع والتجارة فإن النسبة تصبح أكبر من ذلك بدون شك.
ويوضح لنا شكل (15)
كيف تستحوذ الزراعة على أكبر نصيب من أشكال استخدام الأرض في الدنمارك، كما يوضح وجود هذا الاتجاه الزراعي بصورة بارزة منذ أواخر القرن الماضي.
وعلى عكس ذلك نجد نموا مستمرا في مساحة الغابات نتيجة لسياسة التشجير المتعمدة، وكذلك نمو المساحة المستغلة في السكن القروي والمدني وفي طرق المواصلات.
والشكل الوحيد من أشكال استغلال الأرض الذي يتناقض هو مساحة الحشائش الطبيعية والمستنقعات والكثبان - وكلها كانت تكون احتياطيا كبيرا للنمو المدني والغابي والزراعي.
وأهمية الزراعة لا تتضح من نسبة العمالة الزراعية إلى كل العمالة، بل من نصيب الدولة من الزراعة والتجارة الخارجية والاقتصاد القومي، فبرغم الارتفاع الكبير في قيمة وكمية صادرات الصناعة، إلا أن نسبة الإنتاج الزراعي والسلع الزراعية ما تزال تتفوق عليه بدرجة كبيرة.
Bog aan la aqoon