50
60
60
55
ونظرا لحداثة التكوين السطحي وتأثير الجليد فإن التربة في الدنمارك تختلف كثيرا حسب الأصل الذي اشتقت منه، وأفقر أنواع التربات هي البودزول التي توجد فوق التكوينات الغربية القديمة، وهي أيضا تربة رملية كثيرة الأملاح نتيجة للأمطار الغزيرة، أما في اتجاه الشرق فإن التربة تتحسن حيث كانت الركامات القديمة، وفي الأرخبيل تسود التربة الطينية اللومية، وتصنف مع أنواع التربات البنية الرطيبة، وقد دلت دراسة التربة على أن ثلثي تربة جتلند ينقصها الجير بكثرة، بينما لا يظهر هذا النقص إلا في حوالي ثلث تربة الجزر.
وقبل أن يصبح سطح الدنمارك سطحا بشريا - أي قبل اجتثاث الغابات - كان هناك ترابط قوي بين النبات الطبيعي والتربة، والمعتقد أن الحشائش الخشنة الغربية لم تكن كذلك في الماضي، وأنها كانت أراض غابية قبل بداية الألف الثانية الميلادية، كذلك يعتقد الأخصائيون أن الإنسان قد حول مساحة قدرها حوالي ثمانية آلاف كيلومتر مربع في الدنمارك إلى أرض خراب نتيجة لسوء الاستغلال في الماضي وقطع الغابات، فمثلا كان في إحدى أشباه الجزر في جزيرة زيلاند غابة تستخدم للصيد قطعت بأمر فالدمار الثاني عام 1231، ومنذ ذلك الوقت ساءت هذه الأرض كثيرا ونمى العشب الخشن محلها، وعلى العموم فإن هناك اختلافا في رأي الأيكولوجيين حول منشأ الحشائش الخشنة: بعضهم يؤكد أنه غطاء نباتي تال لقطع الأشجار، والبعض يؤكد أن أراضي الحشائش هذه كانت تربة تندرا، ثم بعد أن زالت ظروف المناخ حلت الحشائش محل نباتات التندرا.
والرأي الراجح أن الحشائش تنمو في التربات الضعيفة الرملية الغربية، بينما كانت غابات البلوط والزان وغيرها من الأشجار النفضية تنمو على الأرض الطينية الغنية في شرق جتلند والأرخبيل، لكن اقتطاع شجر البلوط بكثرة خلال القرون الثلاثة الماضية قد أدى إلى ندرته حاليا وسيادة الزان في الغابات القليلة الحالية، وقد أعادت الدنمارك التشجير مرة أخرى في بعض المناطق، لكنها استوردت أنواعا من الأشجار الغريبة عن الدنمارك من الأشجار المخروطية - عكس النفضية القديمة - مثل التنوب النرويجي والشربين الفضي، والصنوبر الجبلي والصنوبر الاسكتلندي، وتشجع الدنمارك مشروعات التشجير في المناطق المحمية في الغرب على وجه الخصوص لتكوين مصدات للرياح، وبالتالي التقليل من التعرية الهوائية للتربة، وهي مشكلة خطيرة في جتلند الغربية. (4) المظاهر الأساسية في الجغرافيا البشرية للدنمارك
يكون السكان أهم المظاهر البشرية في الجغرافيا، كعنصر يشكل الظروف الطبيعية وكمورد من موارد هذا التشكيل، ولقد دخل الإنسان منطقة اسكندنافيا عامة في العصر الحجري القديم بعد تراجع الجليد، وقد ظل الإنسان يعيش على الصيد حتى الانقلاب الزراعي في خلال عصر البرونز، ومهما كانت الظروف التي مرت بنوع السلالة البشرية، وأيا كانت السلالات التي سكنت اسكندنافيا قديما، فإن الغالبية العظمى من السكان الحاليين يكونون جزءا من السلالة النوردية - التي تكون بدورها جزءا من مجموعة السلالات البيضاء الكبرى - التي تسمى في أحيان كثيرة مجموعة السلالات القوقازية، وهؤلاء يتميزون بلون البشرة الفاتح ومظاهر الشقرة في لون العين والشعر والرأس الطويل والقامة الطويلة والبنية القوية.
وبالرغم من سيادة النظام الإقطاعي لفترة طويلة في الدنمارك، وبرغم وجود النظام الملكي حتى وقتنا الحاضر، إلا أن بقايا النبلاء والإقطاعيين محدود جدا في الوقت الحاضر، وقد بدأ هذا النظام الإقطاعي في التغير والاضمحلال بعد إلغاء قانون العبودية - قن الأرض - في الدنمارك في أواخر القرن الثامن عشر 1788، وكذلك يتميز المجتمع الدنماركي بقلة واضحة في الطبقة الفقيرة، وعلى هذا فإن أهم مميزات المجتمع الحالية هي السيطرة العددية للطبقة المتوسطة، فإن كان النبلاء والإقطاعيون قد انقرضوا نتيجة فرض المزيد من القوانين التي تحد نشاطهم وسيطرتهم على الأرض، فإن الفقراء أيضا قد رفعتهم القوانين والنظم الاجتماعية من وهدة الفقر إلى مستوى متوسط، وقد تم كل ذلك بواسطة تحويل ملكية الأرض الزراعية إلى مزارعيها مما أدى ويؤدي بكبار الملاك الزراعيين الحاليين إلى الاشتراك الفعلي في إدارة الأعمال الزراعية.
وقد كان لهذا كله أثره على السكان من الناحية العددية، ففي خلال العصور الوسطى حتى القرن السابع عشر كانت الدنمارك - كغيرها من الدول الأوروبية - تقع تحت تأثير كوارث هائلة تودي بحياة عشرات الآلاف من الناس، ومن أمثلة ذلك انتشار الطاعون - الموت الأسود - قد أدى إلى موت ثلث سكان جتلند في عام 1349، وتحولت مساحات كبيرة إلى أراض مهجورة، كذلك كان للتغير المناخي المفاجئ أثر هائل في إعطاب المحاصيل وبالتالي حدوث المجاعات، وموت الآلاف جوعا.
Bog aan la aqoon