ولغات أيسلندا وجزر فارو تعطينا صورة واضحة عن العزلة الجغرافية، فلغة أيسلندا الحالية ما هي إلا في أساسها النورس القديمة التي جلبها معهم أول مستوطنيها من الفايكنج لدرجة أن كثيرا من كتابات القرن 13، أو أمثالها، تقرأ دون أي إيضاح، أما لغة جزر فارو فهي تمثل نورس القديمة الأكثر تطورا، خاصة بعد هجرة عدد من النرويجيين الغربيين إلى الجزيرة بعد الموت الأسود في العصور الوسطى.
وباستثناء فنلندا فلا توجد في دول نورديا أقليات لغوية تزيد أعدادها عن 1٪ من مجموع السكان، ففي الدنمارك أقلية ألمانية في إقليم سلزفيك وفي شلزفيج الألمانية قرابة 30000 دنماركي، وهناك قرابة 30 ألفا من اللاب موزعين بين شمال النرويج والسويد وفنلندا (
اللاب في النرويج)، وخلال القرن 17 هاجرت بعض أسر الفن إلى غابات وسط السويد والنرويج، وما زالت سلالتهم حافظة لمميزاتها الخاصة ويسمونهم فينيوا الغابات أو غابات الفن
Finnskogar .
وعلينا أن نلاحظ أنه بالرغم من أن الأقليات اللغوية لم تكن عاملا في أية قلقلة سياسية داخل دول نورديا، إلا أنها في الوقت ذاته كانت عاملا مساعدا على الاستقلال الذاتي لسكان جزر فارو عن الدنمارك وجزر ألند عن فنلندا.
ومن ناحية الديانة والمذهب فإن الغالبية الساحقة هي مسيحية إيفانجيلية لوثرية - بروتستانت، ولقد ساعدت عملية الإصلاح الديني والبروتستانتية، على تدعيم الملكية في السويد إبان مراحلها الأولى ونشر سلطان السويد في فنلندا، وكذلك الحال بالنسبة للدنمارك التي ساعد اعتناقها للوثرية على تدعيم سلطان الملك في جرينلند وأيسلندا وفارو والنرويج، ولهذا فإن اعتناق نورديا للوثرية لم يكن وازعا دينيا فقط، بل كان أكثر من ذلك أداة سياسية واقتصادية. (2) الأسس الاقتصادية لحضارة نورديا
إن الأقسام السلالية واللغوية في نورديا قد نجمت عن الأوضاع الاقتصادية، فقد كان اللاب في الماضي يحتلون معظم فنلندا، ولكنهم طردوا من الجنوب عند وصول الفن الصيادين إليها، فاتجهوا إلى سكندنافيا، ولكنهم سرعان ما طردوا من وسطها أيضا نتيجة وصول الصيادين الجرمان، ولهذا احتلوا كل الإقليم شمال نطاق الغابات، وأصبح رعي الرنة الوسيلة الاقتصادية الوحيدة لاستغلال هذه الأصقاع القاسية، وبرغم دخول عناصر جديدة عديدة على شكل الاقتصاد اللابي، إلا أن أساسه ما زال رعويا متنقلا، وذلك لسبب بسيط هو أن لابلند ما زالت غير صالحة للزراعة حسب معارفنا الحالية، كما أنها تقع شمال خط الغابات، والاستثناء الوحيد هو مناطق تعدين الحديد في كيرونا وجيلفار وكيركنيز
Kirkenes
التي تقع قرب حدود النرويج والاتحاد السوفيتي المشتركة.
وفي الوقت الذي شغل فيه اللاب الأقاليم الشمالية والداخلية، فإن السواحل قد أصبحت موطنا للصيادين والسماكين الاسكندنافيين على طول الأطلنطي، وهكذا نشأت نويات عديدة من التجمع السكني السكندنافي وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبحر، ولقد قضي مبكرا على الحيوانات الكبيرة: الرنة البرية أو الألك
Bog aan la aqoon