Cala Difaf Nil
على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
Noocyada
وهناك من إقليم مقدونيا في شمال بلاد اليونان يخرج «الإسكندر بن فيليب»، فيكتسح الفرس في آسيا الصغرى وفي سوريا وفينيقيا، ثم يهبط إلى مصر، فيطرد الفرس منها، ويلتفت فإذا دولة عظيمة، وإذا آثار رهيبة، وإذا دين رائع له كهنة كالسحرة الماهرين؛ فيسحر لب الإسكندر، ويلتمس - وهو الفاتح لمصر - الرضى من الكهنة فلا يمتنعون، ويمنحونه لقب فرعون وولد آمون، ويزور واحة سيوة، فيقدم أغلى القرابين للإله آمون، ويبشره آمون بفتح العالمين. ويزحف الإسكندر من سيوة إلى البحر، فيؤسس الإسكندرية لتكون حاضرة ملكه العظيم، ويدرك المصريون إيمانه بآلهتهم، فيقدمون له الطاعة راغبين لا مكرهين. ويخرج الفتى المقدوني من مصر - وهو فرعون مصري صميم - ليحقق نبوءة الإله آمون بأن ابنه الإسكندر سيفتح الشرق القريب والبعيد.
البطالسة المصريون
وتتحقق نبوءة آمون، فينتقل الإسكندر من نصر إلى نصر، ويثل العروش بعد العروش، ويريد أن يعود إلى الإسكندرية؛ ليتخذها عاصمة إمبراطوريته العظيمة، ولكن القدر يخونه، فيموت في سن الثالثة والثلاثين في مدينة بابل.
ويترسم خلفاؤه خطواته ومراميه، فينقلون جثته إلى الإسكندرية، ويحكم مصر بالنيابة عن أخي الإسكندر وولده القائد «بطليموس»، ثم يستضعفهما فيستقل بالأمر، ويؤسس أسرة البطالسة التي تحمل ألقاب الفراعنة وأسماء المصريين.
هذا «بطليموس الأول»، ينشر العلم في أرجاء مصر، ويؤسس المتحف ومكتبة الإسكندرية، ويحشد فيها جيشا من النساخ، يكتبون ويبعون آلاف المجلدات.
وهذا ابنه «بطليموس الثاني» يشيد منارة الإسكندرية - شعار سلسلة الثقافة هذه - التي كانت تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع، والتي كلفت خزانة مصر مائتي ألف جنيه، ثم يزيد في مكتبة الإسكندرية، فتصل مجلداتها في ذلك العهد السحيق إلى نصف مليون، وتنقلب المكتبة إلى معهد علمي عال، يتخرج فيه جهابذة العلماء الذين نقف على أكتافهم إلى الآن؛ كإقليدس صاحب الهندسة، وإيراتوسثينيس الذي قاس حجم الأرض، وهيباركس الذي وضع أول خريطة للسماء، وهيرو الذي اخترع أول آلة بخارية، وأرشيميدس الذي جاء من بلاد اليونان ليدرس في مكتبة مصر. ويأمر «بطليموس الثاني» المؤرخ المصري «مانيثون»، فيضع تاريخ الفراعنة، ويقسم عصوره إلى الأسرات الثلاثين.
ثم يلي «بطليموس الثالث»، فيقود الجيش إلى بلاد سوريا، ثم يتوغل في بلاد الفرس، فيفتح معظمها، ويعيد إلى مصر تماثيل الآلهة والأسلاب التي اغتصبها الطاغية قمبيز، وظلت في بلاد الفرس ثلاثة قرون. أليس البطالسة فراعنة مصريين؟!
ثم تتوالى سلسلة من البطالسة أشهرهم «بطليموس الخامس»، الذي أصدر أمرا نقش بالكتابتين المصريتين؛ الهيروغليفية والديموطيقية، وبالكتابة اليونانية، وعملت منه عدة صور على حجارة نصبت في المعابد الهامة؛ أشهرها الآن مفتاح اللغة المصرية القديمة المعروف بحجر رشيد.
فإذا كانت أيام «بطليموس الثالث عشر» إذا به يترك الملك لولديه بطليموس 14، 15 وأختهما «كليوبطرة» الشهيرة في التاريخ، فيحكم الأول بالاشتراك مع أخته حينا ولكنه يطردها، ويأتي «يوليوس قيصر» إلى مصر؛ ليستفيد لروما الناهضة من النزاع بين الجالسين على العرش، فإذا به يرى «بطليموس 14» مطمئنا في قصره و«كليوبطرة» تقود جيشا من أنصارها إلى الإسكندرية؛ لتستعيد نصيبها في إدارة المملكة، وتدبر «كليوبطرة» حيلة، فتظفر بمقابلة القائد الروماني، وإذا «بطليموس 14» يقتل بعد ذلك في المعركة، وإذا بكليوبطرة تتزوج من قيصر وفق الشريعة المصرية، فيعتبر قيصر بذلك فرعونا لمصر، وينجب الاثنان قيصريون أو بطليموس 16، ويعود قيصر إلى روما تتبعه كليوبطرة وطفلها، وتظل هناك حتى يقتل قيصر، ثم تعود إلى مصر فتقتل أخاها بطليموس 15، ثم تتفق كليوبطرة مع أنطونيو الذي تتزوجه فيما بعد وتنجب منه ثلاثة أطفال، ثم يتفقان على أن يحكما العالم الروماني بالنيابة عن قيصريون بن كليوبطرة من قيصر، ولكن أكتافيوس يهزمهما في موقعة أكتيوم، فتنتحر بعد بضعة أسابيع؛ خشية أن تقع أسيرة في أيدي الرومان.
مصر تنهزم ولا تخضع
Bog aan la aqoon