136

Alee Baab Zuweyla

على باب زويلة

Noocyada

قال وفي صوته رجاء: إنه دين علي للأمير طومان باي، إنه ... إنه صديقي!

وجاوبته دمعتان من عيني المرأة.

واستأنف الموكب رحلته إلى القاهرة، وكانت راحلة أرقم تسير إلى جانب راحلة نوركلدي على طول الطريق، وخيمته إلى جانب خيمتها في كل منزلة، وكان طعامه مما تهيئ يدها ...

زوجان قد افترقا جسدا والتقيا في عاطفة، فإنه وإنها ليفكران في شيء واحد، وإنه وإنها لمجتمعان على أمل، وإن في خياله وخيالها صورة، وإن أحلام الليل لتطرقهما في وقت معا تعرض على عينيه وعلى عينيها جميعا صورة طومان باي، أما صورته في عيني أرقم فكما رآه وعرفه وجلس إليه وسمع حديثه، وأما صورته في عينيها فصورة صبي في العاشرة، قد استدارت لحيته وعلى رأسه عمامة وقد جلس على العرش.

الفصل الثالث والثلاثون

في زحام المعركة

قام الأمير طومان باي نائب السلطنة بتدبير أمر الملك في القاهرة قياما عظيما، فأبطل كثيرا من المكوس، وأفرج عمن في الحبوس من مظاليم الغوري، وضبط الأمن والنظام، وأشرف بنفسه على الصغير والكبير من أمر الدولة، وبث العيون يحصون على تجار الروم حركاتهم ، وقبض على جماعة منهم فأودعهم معتقلات الأسر ووكل بهم، وكان له كل يوم خرجة يجوس فيها خلال المدينة في كوكبة من جنده وبطانته؛ ليحفظ للحكومة المركزية هيبتها في عيون الناس، فلا يبيح أحد لنفسه أن ينتهز فرصة للشغب أو يحاول فتنة ما، وأصدر أمره إلى المماليك ألا يخرجوا إلى المدينة بسلاح؛ مخافة فتكهم وهتكهم وعدوانهم على الشعب، فصلح بذلك كله حال الناس، واستقامت الأمور، واطمأنت الحياة بالأحياء، وهتف المصريون جميعا باسم الأمير طومان باي ودعوا له في السر والعلانية.

لم يكن يقلق الناس إلا شيء واحد قد نغص عليهم هذه الطمأنينة التي كفلتها لهم حكومة الأمير طومان باي، ذلك هو انقطاع الأخبار عن حركات الجيش الذي خرج تحت راية السلطان للدفاع عن حدود الدولة، فلم يسمع عنه الناس منذ خرج إلا إشاعات تتطاير على الأفواه لا يدري أحد أين مصدرها، فتثير الإشفاق والقلق، وتبث الرعب في أنحاء المدينة، كأنما كان هناك من يعنيه أن تضعف القوة المعنوية في نفوس أهل هذه المدينة الصابرة وتنحل عزيمتهم، فينالهم بالرعب والفزع قبل أن ينالهم العدو بسيفه.

وبلغت تلك الإشاعات مبلغها من نفوس الناس، حتى أعظموا قوة ابن عثمان وشدة بأسه، وبالغوا في وصف عتاده وجنده، فآمنوا بالهزيمة قبل أن تبلغهم أنباء الهزيمة.

ثم لم تلبث الأنباء أن جاءتهم بما كان بين المعسكرين في مرج دابق، وهتف الناعي بأسماء القتلى والجرحى والمفقودين والمأسورين، ونعي إلى المصريين سلطانهم الشيخ فيمن نعي من الأمراء والقواد والجند والإخوة والأبناء، وقام في كل دار مأتم.

Bog aan la aqoon