لم تعرف آيريس نفسها الإجابة حتى تلك اللحظة.
أجابت: «أجل. سأصحبه في رحلته التالية.» «إذن سأكون أول من يهنئك، ويوما ما ربما تهنئينني أنت، والآن يجب أن أهرع لإرسال برقيتي.»
بعد وقت ليس بطويل، وصلت برقية إلى المنزل الحجري الرمادي الصغير. قرأها السيد فروي والسيدة فروي معا، ثم قرأها كل منهما وحده على مسامع سقراط. «سأكون بالبيت الساعة 10 : 8. هذا رائع جدا. ويني.» •••
في ذلك المساء، وقفت السيدة فروي في نافذة حجرة نوم ويني. مع أنها كانت لا تستطيع رؤية محطة القطار، لمحت ضوء مصباح إشارة أصفر اللون خلال فرجة بين الأشجار.
كل شيء كان متهيئا لعودة ابنتها. كانت المائدة قد أعدت في غرفة الطعام وزينت بزهريات تحتوي أزهار الأضاليا البيضاء وأزهار الجزر. وأزيلت قرب الماء الساخن من سريرها، وأضيئ المصباح الذي نادرا ما يستخدم في الردهة، وفتح الباب الأمامي في تأهب، فسقط شعاع من الضوء على أرضية مسار الحديقة الذي يكسوه الطحلب.
ووضع الغداء في الفرن ليظل ساخنا. دائما ما تكون الوجبة الأولى التي تطهوها السيدة فروي هي النقانق والبطاطس المهروسة، ظنا منها أنهما طبق ويني المفضل. هما لم يعودا كذلك منذ بضعة وثلاثين عاما، لكن ويني لم تملك الشجاعة قط لمصارحتها بالحقيقة.
كان الظلام والسكون يعمان خارج النافذة، وكانت النجوم ساطعة، والهواء البارد محملا برائحة نيران الخلاء الخريفية، ثم فجأة شق السكون صرير القطار البعيد.
استطاعت السيدة فروي تتبع وصوله بواسطة الغمامة الحمراء التي تتراقص فوق شريط أشجار الدردار الذي تختفي وراءه المحطة. علمت متى توقف؛ إذ لهث المحرك ونفث بعضا من بخاره.
ثم ما لبث أن تابع سيره مقعقا ليتركها في حيرة. تساءلت إن كان قد أحضر معه ويني. ربما فاتتها وسيلة مواصلتها في لندن. لم تستطع رؤية أو سماع أي شيء؛ إذ كان الصمم قد بدأ يتسلل إلى أذنيها والعمى إلى عينيها.
كان الظلام المحيط يربكها ويخدع حواسها بوعود كاذبة، فكانت ترى هيئات تتقدم نحوها في الظلام، لكن فور أن يثب قلبها فرحا تتبدل فتعود أشجارا. جاهدت عبثا لالتقاط أي بوادر لأصوات بشرية، لنبرات زوجها العميقة ونبرات حادة مجلجلة لفتاة.
Bog aan la aqoon