181

Cajaib Makhluqat

عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات‏

Noocyada

يعرض لهما عارض من البرد واليبس قبل إنضاجهما انعقد ذلك مع طول الزمان الذهب الإبريز، وإن كان الزئبق والكبريت صافيين، وانطبخا انطباخا تاما، وكان الكبريت مع ذلك أبيض تولدت منه الفضة، وإن أصابه قبل النضج برد عاقد تولد الخارصين، وإن كان الزئبق والكبريت رديئين وفيهما قوة محرقة تولد النحاس، وإن كان الكبريت غير جيد المخالطة مع الزئبق تولد الرصاص، وإن كان الزئبق والكبريت رديئين وكان الزئبق متحللا أرضيا والكبريت رديئا تولد الحديد، وإن كان الزئبق والكبريت رديئين وكانا مع رداءتهما ضعيفي التركيب تولد الأسرب؛ فبسبب هذا الاختلاف اختلف أنواع الجواهر المعدنية، وهي العوارض التي تعرض لها من كمية الكبريت والزئبق وكيفيتهما والذي يدل على هذه الأشياء كلها تجربة أهل الصناعة، ولنذكر بعض عجائبها وخواصها العجيبة إن شاء الله تعالى.

(الذهب) طبعها حار لطيف، ولشدة اختلاط أجزائها المائية بأجزائها الترابية لا تحترق بالنار، لا تقدر على تفريق أجزائها ولا تبلى بالتراب، ولا تصدى على طول الزمان وهي لينة صفراء براقة حلوة الطعم طيبة الرائحة، ثقيل رزين جدا؛ فصفرة لونها من ناريتها، ولينها من دهنيتها، وبريقها من صفاء لونها، ورزانتها من ترابيتها (1)، وهي أشرف نعم الله تعالى على عباده؛ إذ بها قوام أمور الدنيا ونظام أحوال الخلق؛ فإن حاجات الناس كثيرة، وكلها تنقضي بالنقود فإن النقدين يباع بهما كل شيء ويشترى بهما كل شيء لرواجهما بخلاف سائر الأموال؛ فإنها لا يرغب فيها كل أحد رغبته في النقود، فإنهما كالقاضيين يقضيان حاجة كل من لقيهما، ولذلك قال الله تعالى: يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) [التوبة: 34]؛ لأن المقصود منهما تداولهما بين الناس لقضاء حوائجهم فمن كنزهما فقد أبطل الحكمة التي خلقها الله تعالى كمن حبس قاضي البلد ومنعه أن يقضي حوائج الناس.

Bogga 183