[شبه القدرية]
فإن اعتلت القدرية السفهاء ببعض الآيات المتشابهات، نحو قوله جل ثناؤه :{ يضل من يشاء ويهدي من يشاء } [النحل:93]. وقوله :{ ختم الله على قلوبهم } [البقرة:7]. { بل الله طبع عليها بكفرهم } [النساء:155]. ونحو ذلك من متشابه الآيات، وتأولوها على غير تأويلها، فإن كسر مقالتهم يسير، والحجة عليهم بينة. وذلك أن الله عز وجل أخبر أن الشيطان وجنوده من الجن والإنس يضلون، وإنما إضلالهم للعبد إنما هو من طريق الصد عن الطاعة، بالغرور والكذب والخداع والتزيين للقبيح الذي قبحه الله، والتقبيح لما زين الله وحسنه، فذلك معنى إضلال الشيطان وأوليائه. والله جل ثناؤه يضل لا من طريق أولئك، لأنه تعالى عن الكذب والصد، وإنما معنى إضلاله جل ثناؤه للعباد الذين يضلون عن سبيله، عند كثير من أهل العلم: التسمية لهم بالضلالة، والشهادة عليهم بها. كما يقال: فلان كفر فلانا، وفلان عدل فلانا، وفلان جور فلانا. يريدون: أنه سماه بذلك، لما هو عليه من ذلك، فكذلك يقال أضل الله الفاسقين، وطبع على قلوب الكافرين، معنى ذلك عند كثير من أهل العلم: أنه شهد عليهم بسوء أعمالهم، ونسبهم إلى أفعالهم، مسميا لهم بذلك، وحاكما عليهم به كذلك، لما كان منهم، فذلك تأويل الآيات المتشابهات في هذا المعنى، عند من وصفنا من أهل العلم .
Bogga 265