الكتاب } الآية، والإرث محمود والنسبة فضيلة. وذكره في معرض الامتنان حيث أورثهم الكتاب ثم جلاهم ووصفهم فقال: { الدين اصطفينا } / والاصطفاء فضيلة. وهم صفوة الله حيث اصطفاهم. ثم قال: { من عبادنا } فهذه نسبة محمودة ففسرهم فقال: { فمنهم ظالم لنفسه } فالتسبق فضيلة، والتقييد حيلة، ولا حيلة إلا بالله. فلما ظهرت لهم هذه العلامات والأمارات فضى على الظالم لنفسه أنه ناج. وأي المكلفين لم يظلم لنفسه بهذه الأمارات تائب ناج، وانفهم للآخرين من نفس الآية أنه ظالم مقصر لم يتب فخفي على الفريقين أمر توبته. فقول كل واحد على ما سنح له. فقال الأول: إنه تائب لم يصرلا فهو ناج، وقال الآخر: إنه مصر لم يتب فهو ظالم ساقط. فاتفقا على التائب أنه من الناجين، وعلى المصر الظالم أنه من الساقطين. فلو قال الأول ناج مصر غير تائب. وقال/ الآخر غير مصر وهو ظالم ساقط لأخطأ. فلما عكسا أصابا وسيأتي بيان المسألة بأشبع من هذا إن شاء الله.
بيان اختلاف الناس في الخروج
على السلاطين الجورة وتولية أعمالهم
قالت السنية : الخروج عليهم حرام وقتالهم على ذلك حرام، ولا يحل الخروج عليهم وإن ظلموا وضربوا وحرموا وغصبوا.
وقالت الخوارج: الخروج عليهم واجب وعلى جميع جنودهم ورعيتهم. وقال أهل الحق: إن الخروج عليهم سائغ جائز، وهو قربة إلى الله عز وجل. وجهادهم على جورهم ومنكرهم من أعظم القربات وله شروط قل ما تتفق إلا لأبي بلال مرداس ومن كان على طريقته من أهل النهر وعبدالله بن يحيى الكندي وأبي حمزة المختار بن عوف رحمهم الله.
Bogga 314