ثم أمة عيسى عليه السلام: ثم إن الله تعالى/ بعث عيسى بن مريم عليه السلام إلى أمته، وكان هينا لينا حليما كريما خاشعا متخشعا، صالحا متواضعا، راهبا مترهبا، راغبا مترغبا، زاهدا عابدا، طيب النفس نقي القلب مأمون العيب، سليم الجذب حسن الأخلاق في جميع أوصافه. ظاهر الزهادة كثير العبادة. فسلكت أمته سبيله في أخلاقهم فأدركهم لين القلوب وسلامة الصدور وقرب القور كرب القمر، فقصر نظرهم إليه وعلى أمة فخلوهما الغاية القصوى والدرجة العليا. فسلك الله تعالى بهم مسلك من يربي المعتوهين والجانين الصبيان والصغار والعميان الضعاف الكبار، وذهبوا معه ذلك المذهب، وقالوا: { اللهم ربنا أنزل ...... الرازقين } (¬1) ./ نعما طلبوا، دون من أعطي المن والسلوى فطلب بدله ما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها. فقال الله عز وجل: { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } (¬2) فأين هاتان الأمتان ممن قال وطلب إلى ربه ورغب: { ربنا لا تؤاخذنا .... الكافرين } (¬3) . وقالوا: { ربنا آتنا في الدنيا حسنة ... } إلى آخر الآية (¬4) . ومصداق ما قلنا ان الأمم ثلاث قول رسول الله عليه السلام: «بينما أنا نائم إذ نظرت إلى سواد عظيم فقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ أهولاء أمتي؟ قال: لا، إنم هذا عيسى في أمته. ثم نظرت فإذا سواد سد ما بين الأفق فقلت من هؤلاء يا جبريل فقال: هؤلاء أمتك
Bogga 233