أما التواتر عن رسول الله عليه السلام فدعاؤه الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله قولا وفعلا. وقطع عبادة الأوثان وأنه رسول/ الله عليه السلام. والبعث حق. والجنة حق. والموت حق. وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور. وما تواتر من أحواله أنه ولد بمكة وفيها بعث وفيها دعا الناس. وأنه عربي، وأنه قريشي. ومن مكة هاجر إلى يثرب، وأنه توفي بها وبها قبره ومسجده. وما تواتر من مغازيه، كخروجه إلى بدر وإلى مكة عام الحديبية وإلى حنين وإلى عمرة القضاء. وقتاله المشركين وسبيهم وغنيمة أموالهم. والمتواتر من أفعاله وأقواله كالصلاة وأعدادها ومواقيتها، وكيفية الركوع والسجود فيها، والقراءة والتكبير والتسليم وما أشبه ذلك، هو أشهر من أن يحتاج إلى دليل. فمعرفة من حصل له العلم بهذا من جهة الضرورة فهي ضرورة. وما (¬1) لم يسمعه (¬2) غلا نادرا كان/ كسبيا كما قلنا أن التواتر أوله كسبي وآخره ضروري لا يتخالج الشك والارتياب فيمن وردت عليه هذه الأخبار من كل وجه، ويشترك في معرفتها كل مسلم وكافر ويهودي ونصراني إذا حصل له علم التواتر بهذا. والمستفيض من الأخبار عن رسول الله عليه السلام قريب من التواتر ولكن عند أهل المعرفة بذلك.
وأما أخبار الآحاد فعلى ضربين: ضرب نقلته الصحابة عن رسول الله عليه السلام واستفاض به الخبر، وهو دون المتواتر. فبعض قصره إلى المسند، وبعض جعله من نفس المتواتر حين كانت فيه مزية استفاضة.
والمسند الصحيح ما نقلته الثقاة عن الثقاة من طريق أو طرق إلى رسول الله عليه السلام ولم يدخلها وهن منجهة السند ولا من جهة المتن ولا ذكر فيه مجهول/ ولا ضعيف ولا مختلف فيه. فالتواتر من الخبر يجب العمل به والعلم. والمسند يجب العمل ولا يجب العلم.
Bogga 183