وأما قوله: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } (¬1) ، فمن حمله على رؤية الهلال دل دليل الخطاب أن من لم يشاهده ليس عليه صومه.ومن حمله على من شهد بمعنى حضر فعليه الصوم وانتفى الصوم عن المسافر. وأما تعليق الحكم إلى الصفة وانتفاء ذلك الحكم عمن عداها كقوله (تعالى): { اقتلوا المشركين كافة } (¬2) وقوله: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } (¬3) . وأعلم أن الحكم في هذه مقصور
على هذه الصفة، ولا يبطل هذا الحكم عمن انتفى عنه هذه الصفة. بل يجوز أن يأمر بقتل غيرهم. ودليل الخطاب في الشرط والغاية أقوى منه/ في الصفة. استدل من أبطله أن الخبر بمثابة الأمر. فإذا قلت: اضرب الرجل مثل من قال: ضرب الرجل. وليس فيهما ما يدل على انتفاء هذا الحكم عما عداهما. والأمر بمثابة الخبر. ولو قلت: خرج الأسود لما دل على دخول الأبيض ولا على ترك الأبيض الخروج. وكذلك: اخرج الأبيض. ليس فيه ما يدل على ألا يخرج الأسود، ولا على أن يدخل الأبيض وأما من أجازه في الاسم فقد تغدمر. ودليله قوله عز وجل: { محمد رسول الله } ليس فيه دلالة على انتفاء هذا الحكم عن موسى وعيسى وغيرهما وكذلك القول في الخمر حرام. ليس فيه ما يدل على أن غير الخمر حلال أو ليس بحرام. وتعلقوا بقول رسول الله عليه السلام: «في سائمة الغنم الزكاة» (¬4) . والزكاة في سائمة الغنم ليس فيه ما يدل على انتفاء الزكاة من المعلوفة إلا بخطاب ثان مستأنف وليس فيه أكثر من إثبات الزكاة في السائمة.
وقال/ بعضهم: قصده إلى السائمة دليل انتفاء الزكاة فيما سواها من المعلوفة وغيرها.
Bogga 171