واعلم أن جميع ما اعترضوا به عولوا فيه على الغير لا على الضد وعلى أن الأمر والنهي يختلفان في هذا، وذلك أن الأمر لا يصح امتثاله إى بالكف عن جميع أضداده، ولا كف إلا بالنهي. وأما النهي عن الشيء فلا يكون أمرا بجميع أضداده. ألا ترى إلى من وقف بعرفة وقد أمر بالوقوف فيها أنه منهي عن أن يقف فيما سواها. ومن نهي عن أن يقف ببطن عرنة لم يؤمر أن يقف بأمكنة الدنيا كلها، فافترق الأمران. والصحيح أن المأمور بالشيء قد نهي عن جميع أضداده، وليس المنهي (¬1) عن الشيء بمأمور بجميع أضداده. وقد كانت (¬2) القدرية تقول إن القدرة على الشيء قدرة عليه وعلى مثله (¬3) وخلافه وضده، ومع ذلك لا يلزمهم أن يكون الأمر بالشيء أمرا به وبمثله وبخلافه وبضده.
فصل
وهل يجوز فعل المأمور به من وجه إذا وقع منهيا/ عنه من وجه آخر، كالمصلي في الدار المغصوبة أو بالثوب المغصوب أو الماء المغصوب للوضوء؟
اعلم أنه قد يقع الأجزاء وأن فعل الوجه المكروه المنهي عنه. وقد يتفق في أشياء ولا يتفق في آخر كالذي قدمنا من الصلاة في الدار المغصوبة، أن الصلاة قد أجزأته ولا يعاقب عليها وإنما يعاقب
Bogga 109