82

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Noocyada

فعجبت أم الفضل لقولها، وشق عليها أمرها وخافت عليها العاقبة، وتاقت لسماع الخبر فقالت: «ما الذي حدث بعد مجيئي؟»

فقصت العجوز عليها ما جرى في العريش، فأجفلت وصاحت: «ويلاه! لقد تقدمت الفتنة، ليت عبد الله ابني هنا! إذن لحملته الخبر إلى علي.» فصاحت أسماء: «دعوني أذهب بالخبر! دعوني أسر إلى الجهاد دفاعا عن المتهم زورا! إن عليا يا قوم بريء من دم عثمان فكيف يطلبونه منه؟!»

فقالت أم الفضل: «دعي هذا إلي، فإني مرسلة رسولا إلى علي بكل ما وقع.» قالت ذلك ودعت خادما فجاءها برجل من جهينة يدعى ظفر، فاستأجرته على أن يحمل كتابها إلى علي بالخبر، فركب الرجل هجينه وسار، وأسماء تشيعه بنظرها وتود أن تكون على رحله.

فلندعها ولنرجع إلى المدينة لنرى ماذا جرى لمحمد.

ودع محمد أسماء عند ركوبها إلى مكة، وعاد وفي نفسه شيء أقلقه لا يدري ما هو، وكان قد خامره شيء من الخوف على أسماء أن تميل عنه إلى الحسن بن علي، ولكنه كان يحبه كثيرا وقد ربيا معا في حجر علي. فقضى مسافة الطريق غارقا في لجة الهواجس، ومما زاده قلقا إرساله أسماء على هذه الصورة وقد شغلته الغيرة قبل سفرها عن تقدير الأمر حق قدره، فوقع في حيرة لا يدري ما يجيب به الحسن إذا سأله عنها، وكيف يعتذر أو ينتحل سببا لسفرها. وشعر لساعته بوطأة الحب وشدة سلطانه، فأجال نظره في الطريق الذي سلكته أسماء وتلفت قلبه، فحدثته نفسه أن يعرج على مكان يقضي فيه نهاره قبل الذهاب إلى دار علي، مخافة أن ينم ظاهره عند لقاء الحسن عما في باطنه. ولكنه لم يجد عذرا لتخلفه يومئذ والناس يتألبون جماعات ووحدانا من كل صوب، ويؤمون منزل الإمام علي وهم بين آمل وخائف وناصر وناقم، وقد علم محمد أن بعض الناس قد بايع عليا وهم يضمرون السوء.

فقضى برهة تتقاذفه الهموم وهو يمشي فلم يشعر إلا وهو بباب علي، ورأى الناس قد تكاثفوا حوله والخيل في بستانه والجمال معقولة إلى جذوع النخل والخدم والعبيد وقوف بينها. فذكر هول ما يشغل عليا وبنيه في ذلك الحين من مهام الخلافة، وأحب أن يشارك الحسن في حمل بعض العبء إلى أن تنتهي الأزمة.

فدخل الدار ومشى إلى حيث تقيم أمه وقد عزم على كشف سره لها لعلها تواسيه، فدخل فرآها جالسة وحدها والهم باد على وجهها فهشت له فحياها، ورأت في وجهه انقباضا فابتدرته قائلة: «ما لي أراك مشرد الذهن يا محمد؟!»

قال يغالطها: «ليس في نفسي شيء غير ما نحن فيه.»

قالت: «أخائف أنت على مصير هذه الخلافة؟»

قال: «لست بخائف، ولكنني أرى المركب خشنا، فإن طلحة والزبير لم يبايعا إلا كرها والكوفيين والبصريين على رأيهما، فأخشى أن يدعوا الناس إلى نقض البيعة.»

Bog aan la aqoon