78

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Noocyada

قالت: «إنما هو دواء فيه شفاء للناس وقد سمعت رسول الله يقول: «الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار. وأنهى أمتي عن الكي»، وكان يحب الحلواء والعسل.» قالت ذلك ودفعت القدح إلى أسماء فأخذته وشربته، ولم يمض قليل حتى أحست برطوبة حلقها، وأوصتها عائشة بأن تشرب شيئا من لبن الإبل فأطاعت. وبعد شرب اللبن انتعشت فجلست في الفراش، ورجت من أم المؤمنين أن تمكث عندها لأنها استبشرت بها خيرا.

فقالت عائشة: «بل أرى أن ننزل إلى البستان بالعريش لأني مللت الخباء، وقد تزاحم الناس علي اليوم.» فنهضن هن الثلاث ومشين حتى وصلن إلى البستان وهو محاط بسور من سعف النخل وفي وسطه عريش مصنوع من الجريد يستظل به وقد نصبوا فيه مقاعد من الجريد والخشب، فدخلنه وجلسن فيه وأم المؤمنين صامتة.

الفصل العاشر

طلحة والزبير

لم يكد يستتب بهن الجلوس حتى سمعن جعجعة وصهيلا وجلبة ، فقطبت عائشة حاجبيها تطلعا لما يأتيها من أخبار القادمين، وما عتم الخادم أن دخل فقالت: «ما وراءك يا غلام؟» قال: «إن ركبا قادمين من المدينة وفيهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام يستأذنون.» فلما سمعت أسماء ذلك أجفلت وتحفزت للنهوض للعود إلى البيت، لتخلو أم المؤمنين بالقادمين.

فقالت عائشة: «لا أرى ما يدعو إلى دخولك البيت الآن، وإذا رأيتما ألا تحضرا مجلسنا فكونا وراء هذا العريش.»

فنهضتا إلى مقعد وراء العريش جلستا عليه. وقد سرت أسماء ببقائها لعلمها أن طلحة والزبير قادمان من المدينة بعدها ولا بد من خبر جديد جاءا به، أو أنهما جاءا في أمر يهمها الاطلاع عليه لعلاقته بالإمام علي وهي تعلم أنهما بايعا عليا مكرهين. فلبثت مستترة بجانب العريش وأصاخت بسمعها وهي تنظر من خلال الجريد إلى من يدخل العريش.

فأذنت عائشة لطلحة والزبير وأرخت نقابها، فدخلا وهما ما زالا بثياب السفر وقد علاهما الغبار، ومعهما رجال آخرون.

دخل أولا طلحة بصدره العريض ولحيته البيضاء الكثيفة، وكان قصيرا، وقد ازداد وجهه احمرارا من طول السفر وأثر الشمس، وكانت أسماء قد رأته غير مرة في المدينة فلم تستغربه. ثم دخل الزبير وهو يمتاز عن طلحة بخفة عضله وقلة شعر لحيته. ودخل في أثرهما ابناهما. فقالوا: «السلام عليك يا أم المؤمنين.»

قالت: «وعليكم السلام يا أصحاب الرسول ونخبة المهاجرين وحماة الإسلام.» وأذنت لهم بالجلوس فجلسوا مطرقين لا ينظرون إليها إجلالا لحرمتها. فخاطبت طلحة والزبير قائلة: «من أين أتيتما؟»

Bog aan la aqoon