75

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Noocyada

فابتدرتها العجوز قائلة: «أما أهل الشام فليسوا في حاجة إلى من يحرضهم، وفيهم معاوية ابن عم عثمان، وقد حملوا إليه قميص عثمان الملطخ بالدم وأصابع نائلة ليهيجوا أهل الشام على القاتلين.»

فتنهدت أم الفضل وتأوهت وقد عظم عليها ما تتخوفه من تفاقم الفتنة حتى تناثر الدمع من عينيها وسكتت. •••

كانت أسماء تسمع حديث أم الفضل والعجوز وهي مضطربة لا تقوى على جواب، فلما رأت أم الفضل تبكي تذكرت بكاء علي عند قبر النبي في الليلة التي رأت فيها محمدا لأول مرة، فانتقل ذهنها إلى محمد وما يعترض آمالها فيه من أمر اتهامه بقتل عثمان، وكانت لما سمعت من قبل كلام عائشة انقلبت على محمد وكادت تتحقق ما سمعته لو لم يقم في قلبها برهان حبه، على أنها لم تزل على رغبتها في سماع دفاعه أو دفاع من يقول بقوله ويرى قتل عثمان. فلما رأت سعة علم أم الفضل وقد رافقت الإسلام في كل أطواره، كلمتها بصوت مختنق من تأثير الحمى فقالت: «إن في نفسي شيئا لا صبر لي عليه.» قالت: «ما هو؟»

قالت: «لقد شهدت مقتل عثمان - رحمه الله - وسمعت دعوى الناس عليه، ولكنني تحققت مما وقع من حوادث كثيرة أنهم ظلموه، وأن الذنب ليس ذنبه ولكنه ذنب مروان ابن عمه فقد كان يصرف شئونه كيف يشاء. لكن ابن أختك (تريد محمدا) يزعم أنه يستوجب القتل، وقد جادلته في الأمر فوعد بأن يقنعني ويجيئني بالبرهان.»

فلما سمعت أم الفضل كلامها تنهدت وقالت: «وقعت على خبير، فإني أعرف عثمان قبل إسلامه وأعرف ترجمته وما استتر منها وما ظهر، وهي لا تخلو مما يهيج الأحزاب عليه ويبعث الضغائن، وأظنه لو وفق إلى وزير أو مشير عاقل أو كاتب غير مروان لما بلغ الأمر حده. وإليك ما صنعه عثمان مما أثار الصحابة عليه:

أولا:

إنك قد تعلمين أن الصحابة هم الذين قاموا بنصرة الإسلام وتأييد دعوته منذ ظهوره، فهم أولى من سواهم بولاية الأمصار وتولي الأعمال، وكانوا كذلك على عهد أبي بكر وعهد عمر بعده، فلما تولى عثمان عزل الصحابة وولى آخرين من ذوي قرابته كما فعل بعمرو بن العاص في ولاية مصر، وهو الذي فتحها وغرس الإسلام فيها فعزله وولى مكانه عبد الله بن أبي سرح أخاه من الرضاعة. وقد كان عبد الله هذا في جملة من ارتدوا بعد إسلامهم ولحق بالمشركين فأهدر النبي دمه، فأخذ له عثمان الأمان بعد فتح مكة.

ثانيا:

أسرف عثمان إسرافا شديدا في بيت المال، فكان يعطي منه أناسا من قرابته طردهم النبي

صلى الله عليه وسلم . ولا يغرنك ما يقال عن تقشفه وزهده في طعامه.

Bog aan la aqoon