118

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Noocyada

قالت: «كيف يترددون في نجدة أمير المؤمنين؟!»

قال: «ذهب إليهم أولا محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، فلقيا أبا موسى الأشعري عامل الكوفة فكلماه ففضل القعود على المسير، فعادا بذلك إلى الإمام فأرسل الأشتر وابن عباس، فعادا ولم ينالا وطرا. فأرسل ابنه الحسن وعمارا بن ياسر فجاءا الكوفة، وكانت عائشة قد أرسلت رسلها تدعو الناس إلى نجدتها، وظل أبو موسى يحرض الكوفيين على القعود فلا يسيرون مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فجادلهم الحسن حتى أقنعهم بأن يقوموا لنصرة أمير المؤمنين فجاء منهم تسعة آلاف.»

فأدركت أسماء من حديثه أن محمدا في معسكر الإمام علي، وكانت قد تعبت من الجلوس على الحجر فنهضت تلتمس الدير لمداواة الجرح لأنها شعرت وهي قابضة عليه أن الدم يسيل منه. فأحس الرجل بمرادها فأراد مساعدتها في المشي فأبت فرافقها حتى دنت من الدير، فودعها وعاد بجمله يطلب المعسكر.

أما هي فالتمست حجرتها فلقيها الرئيس عند الباب فسألها عن حالها فقصت عليه حديث الجمل ووقوعها، فهم بالجرح فأعاد تضميده وبشرها بألا خوف منه. فلبثت تفكر فيما سمعته وكانت كلما تمثل لها وقوع الصلح يكاد قلبها أن يطير فرحا لنجاتها من مصائب كثيرة وحقن دماء الناس. على أنها وهي في وسط هذه المسرات تذكرت ما سمعته من الرئيس عن أبيها، فانقبضت نفسها مخافة أن يضيع خبره، فصممت عزمها على أن تسافر إلى دمشق حالما تستطيع الركوب لتقابل القسيس الشيخ وتعرف منه من يكون أبوها. •••

قضت أسماء أياما وهي تتوقع في كل يوم أن ترى محمدا آتيا إلى الدير لمشاهدتها، لعلمها أن مسعودا قد أطلعه على ما أصابها، فلا بد من مجيئه ولا سيما أنه على مقربة منها، فلما مضت أيام ولم يأت أيقنت أن مسعودا لم يره بعد ذهابه من الدير. وكان الجرح قد التأم فلم تر بدا من لقاء محمد لتخبره بعزمها على المسير إلى دمشق، وتسأله دابة تركبها وخادما يسير في ركابها. ولكنها تذكرت الحسن وما لحظت منه يوم كانت في المدينة، فخافت ألا يرضى محمد بذهابها إلى المعسكر، فعزمت على استقدامه إليها فكتبت ورقة بذلك واستأذنت رئيس الدير في إرسال أحد خدمه بها، فجاءها ببعضهم فاختارت أحدهم وأفهمته كيف يسير وإلى من يسلم الورقة ودلته على الجهة التي يلقى فيها جيش الإمام علي.

فخرج وجلست هي في فراشها تنتظر رجوعه ومحمد معه، وكلما تصورت لقاءها محمدا اختلج قلبها في صدرها وأعدت عبارات تخاطبه بها تسفر عما في نفسها. وقد أهمها من الصلح انقضاء تأجيل الزواج فأخذت تعد نفسها بالسعادة المستقبلة، ولا سيما إذا تمكنت من معرفة اسم أبيها الصحيح.

قضت ساعة وبعض الساعة في مثل هذه الهواجس ، وهي كلما سمعت سعال رجل أو وقع أقدام أو جعجعة بعير أو صهيل فرس ظنت رسولها عائدا ومعه محمد، ولم تعد تستطيع صبرا على الانتظار فصعدت إلى سطح الدير تستطلع قدومه عن بعد. ولم تكد تخطو خطوتين فوق السطح حتى رأت رسولها راجعا يعدو ويلتفت وراءه فاضطربت ولبثت تنتظر وصوله، فما عتم أن وصل وهو يلهث من شدة الجري فقالت: «ما وراءك؟!» قال: «خرجت من الدير إلى الجهة التي رسمتها لي، فما وصلت إلى المكان حتى رأيت النبال تتطاير في الجو، فلما أشرفت على المعسكر رأيت الحرب محتدمة ...»

فبغتت أسماء وقطعت كلامه قائلة: «الحرب؟! بين من ومن؟!»

قال: «سألت بعض العبيد ممن كانوا يلتقطون النبال المتساقطة خارج المعسكر، فأخبرني أن قد نشب القتال بين الإمام علي وعائشة، وكانوا قد أبرموا صلحا فنقضوه.»

قالت: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! ومن نقضه؟!»

Bog aan la aqoon