103

Cadhra Quraysh

عذراء قريش

Noocyada

قال: «إن سوادهم مع أم المؤمنين.»

فأطرق علي، وكل من في مجلسه سكوت ينتظرون ما يبدو منه فظل ساكتا، حتى شعر الناس أنه يريد أن يخلو بخاصته، فخرجوا جميعا وفي جملتهم محمد بن أبي بكر وقد ساءه تعاظم الأمر إلى هذا الحد. ولم يكد يدرك خيمته حتى جاءه رسول يستقدمه إلى علي فأسرع إليه فلم ير عنده إلا محمدا بن جعفر، فدخل وحياه وهو يتوقع أن يسمع منه أمرا جديدا، فلم يكلمه حتى جلس على وسادة بجانب محمد بن جعفر، فقال له والاهتمام ظاهر في وجهه: «أتدري لماذا دعوتك؟»

قال: «خير إن شاء الله.»

قال: «أسمعت ما فعلت أختك وطلحة والزبير في البصرة؟ لقد أساءوا إلى عاملنا وحضوا الناس على حربنا لأننا على زعمهم قتلنا عثمان، وأنت تعلم أن أهل الكوفة حزب كبير يهمنا استنفارهم ليكونوا معنا في هذه الحرب إذا كان لا بد منها، وقد انتدبتك أنت وابن أخي هذا لتسيرا إلى أبي موسى الأشعري عاملنا على الكوفة تستنفران الناس لنصرة الحق.»

فوقف محمد وقد ثارت حميته وقال: «إننا طوع أمرك، وإن الدفاع عن الحق ونصرة أمير المؤمنين فرض واجب علينا.»

قال علي: «تأهبا واخرجا إلى أبي موسى، واقرأا هذا الكتاب على الناس وادعواهم إلى الإصلاح فإننا لا نريد سواه، وأنا لاحق بكما. وأستعين الله في نصرة الحق وكبح جماح الباطل!» فخرجا يتأهبان للرحيل.

فلنتركهما سائرين في هذه المهمة ولنعد للبحث عن أسماء. •••

أما أسماء فقد كان السبب في أسرها أن أحد كبراء البصرة، ممن جاءوا مع ابن عامر إلى مكة، شاهدها ساعة وقوفها في العريش ومخاطبتها مروان بتلك الشجاعة مع ما كان يتجلى في محياها من المهابة والجمال، فوقعت من نفسه موقعا عظيما وعلق قلبه بها، وكان من أهل اليسار والبذخ. فلما انفض المجلس سأل عنها فأخبره بعض الذين اطلعوا على حديثها سرا من خدم أم المؤمنين أنها مخطوبة لمحمد بن أبي بكر، وأنها باقية في مكة تنتظر أمره بالذهاب إلى المدينة. فحدثته نفسه أن يخطفها ويغريها بحبه ويتزوجها، وهو يعتقد أنها لا تلبث أن ترى جماله وتعلم بجاهه وغناه حتى تهواه وتفضله على محمد، فيحظى بها وينتقم من محمد لنقمته على عثمان. فاصطنع ذلك الكتاب على لسان محمد وبعث به مع بعض رجاله فجاءت معه، فسار بها كما تقدم وهو تارة يستعطفها وطورا يعدها بالسعادة عندما يصل بها إلى البصرة. وخيل إليه في بادئ الرأي أنها مالت إليه لما آنسه من سكوتها وتصبرها، ولم يعلم أنها فعلت ذلك حزما وتعقلا. وكان يود التخلص من العجوز فتيسر له ذلك على أهون سبيل كما رأيت. فقضى أياما في مسيره وهو يعرج في الطريق روحة وجيئة يلتمس رضاها قبل الوصول إلى البصرة، فلما دنا من البصرة عرج على طريق ينتهي بالكوفة وكان له فيها منازل وصنائع.

وكانت هي تفكر في طريقة للنجاة، وكثيرا ما حدثتها نفسها أن تجافيه وتظهر احتقارها له، ولكنها كانت تعود فتصبر مخافة أن يفتكوا بها.

فلما صاروا على مقربة من الكوفة لم ير بدا من استجلاء أمرها، فصبر حتى أسدل الليل نقابه وجاءها وهي مستلقية في الهودج التماسا للراحة، وكان بجانب الهودج نار أوقدوها للاستضاءة، فرفع ستائر الهودج فانتبهت أسماء وجلست، ولما رأت سعيدا استعاذت بالله، أما هو فحياها بلطف وقال لها: «ألا تظنين البصرة خيرا من المدينة يا أسماء؟»

Bog aan la aqoon