في موعدي تماما عدت من عملي، وما إن فتحت باب الشقة حتى تسمرت في مكاني، كان بيومي التلت يجلس إلى مائدة الطعام وإلى جانبه زوجتي تربت على كتفه والدموع تفيض من عينيها، وعلى أريكة مجاورة تكومت بناتي الثلاث وعلى وجوههن علامات الدهشة والهلع، وما إن أبصرنني حتى أسرعن يلتففن حولي وتتساءل أعينهن عن حقيقة ما يشاهدن.
وكأنها تنعى فقيدها قالت زوجتي: كريم، عاد كريم. أترى؟ إنه بصحة جيدة. كيف لم تخبرني أنك قد اهتديت لمكانه؟ - كنت أنتظر الوقت المناسب، واتفقت مع بيو ... مع كريم على ذلك.
ودخلت إلى حجرتي، فأسرعت زوجتي تلحق بي، تساءلت: ماذا نفعل الآن؟ خطيب ابنتك سيصل بعد قليل، والبنات، أنتركه مع البنات؟ سيسأل الناس عنه، ماذا أقول؟ على الأقل نشتري له بعض الملابس المناسبة. ماذا أقول لخطيب سلوى؟
لحقت بنا البنات. - هل هذا هو أخونا حقا؟! نحن نخاف منه، إنه أشبه بالبلطجية الذين نشاهدهم في الأفلام. لا يمكن أن يقيم معنا، سوف ننتقل إلى منزل جدتنا ونعيش معها.
في سخرية قلت لزوجتي: أليس هذا ما كنت تتمنين؟!
ردت: كنت أنتظر كريم لا ... - هل ما زلت تتمسكين به؟ على أية حال لست متأكدا أنه كريم، إنه مجرم ومن أبلغني عن مكانه مجرم أيضا، لعلنا في كابوس. غدا سوف أعرف نتيجة التحاليل.
عندما خرجنا إلى الصالة كان بيومي قد غادر المنزل .
ظل طاهر رافضا لما اعتزمته، فتركته ينفرد بشقيقته وبناتها، وكنت على ثقة من النتيجة. أدرك طاهر أن الأم وبناتها يبحثن عن سبب منطقي، لا اختيار لهن فيه! كي يبررن نبذهن لكريم.
كان طاهر مجبرا على تقديم العون لنا وإن ظل على موقفه، وضع خطة محكمة: سوف يذهب بيومي معي لمعمل التحاليل، وسوف تخرج النتيجة في كل الأحوال تنكر أي صلة بيني وبينه، هكذا اتفق مع صاحب المعمل، وبالطبع لن نخبر الأم وبناتها، حتى يذرفن الدمع بسهولة وبقليل من الصدق على حبيبهن المفقود الذي لا يعرفن له مكانا!
ناولته صورة من التقرير، وأعربت عن أسفي لكونه ليس ابني كريم. لن أنسى ما حييت نظرات عينيه حينها، أحسست أنني دهسته تحت قدمي. ناولني كريم مفاتيح السيارة قائلا: تركتها أمام باب العمارة.
Bog aan la aqoon