48

Caddat Kalb

عضة كلب: مجموعة قصصية

Noocyada

كأننا كنا على موعد، فما إن فرغت من الاطلاع على الأوراق الموضوعة أمامي، واسترخيت في مقعدي وأغمضت عيني وأخذت شهيقا عميقا، حتى دخل مدير مكتبي وأشار نحو التليفون وأومأ برأسه يؤكد توقعي. رفعت السماعة وأشرت لسمير توحيد بالجلوس، حولت صوت المكالمة إلى الميكروفون، كنت أريد شاهدا على ما يجري. أصغى سمير لكل ما قيل ونصحني بأن أبلغ الشرطة على الفور.

مراوغة الرجل وتحوطه الشديد لكل كلمة، جعلاني على يقين أنه مجرم محترف. لم يجب على أي سؤال، وأنذرني بألا أغامر بحياة ابني وأبلغ الشرطة، وطلب أن أذهب إليه بمفردي ومعي عشرة آلاف جنيه، هي مقدم الأتعاب كما قال، تصبح بعد ذلك مائة ألف عندما أرى كريم.

رأى طاهر أن أمثال هذا الرجل لا يردعهم شيء، وربما كان صادقا في قوله بأنه قد وجد كريم، فلا يتورع عن إيذائه إن أنا أبلغت الشرطة. رجوته أن يذهب معي، فقال إن من الأفضل أن يكون بعيدا عن أيدي هؤلاء، حتى إذا ما استشعر خطرا يهددني، وجد الفرصة كي يتصرف.

تبعني طاهر بسيارته، وعندما بلغت المكان الذي سألتقي فيه بالرجل، أوقفت سيارتي، فتخطاني طاهر وواصل سيره حتى غاب عن ناظري. كان علي أن أترك السيارة وأستكمل الطريق سيرا على الأقدام، فالحواري والأزقة هناك لا تسمح بمرور السيارات.

كان الوقت ليلا، ولا تكاد تقع عيناك على أي كائن حي حتى يختفي وسط عشش الصفيح التي تتزاحم في بقع متناثرة، ويعلو بعضها فوق بعض كأكوام القمامة. واصلت سيري على غير هدى فقد كنت على ثقة بأن هناك أحدا بانتظاري. أوقفني ثلاثة شبان أكره أن أسرد وصفهم. سألوني عن سبب تواجدي في المكان، فأجبت بما أوصى به الرجل الذي اتصل بي: أبحث عن المعلم شحاتة البرنس.

فحصوني من رأسي إلى قدمي، ولا أدري عن أي شيء كانوا يبحثون. سألني أحدهم عما يربطني بشحاتة، لم أجب خشية إفشاء السر، فصفعني الشاب الثاني على وجهي، وانشغل الثالث بإفراغ جيوبي مما فيها، ثم وضعوا شيئا يشبه المنديل على عيني، وجروني كما تجر البهائم خلفهم إلى حيث لا أعلم.

عندما توقفوا، ركلني شخص ما فأوقعني على الأرض وانقطع تنفسي للحظات، لعنت كريم، وأمه، وطاهر، وبناتي الثلاث، وسمير توحيد، واليوم الذي جئت فيه إلى هذا العالم.

نزعوا المنديل عن عيني، فأبصرت أمامي شابا قصير القامة مكتنز الجسم، ليس بين ملامح وجهه ما يميزه عن المكان وساكنيه إلا آثار جرح غائر يمتد من جبهته إلى ذقنه. سألني : ماذا تريد من شحاتة البرنس؟

لم أرد، وكأنني لم أتعلم الدرس بعد، ركلني في ساقي فصرخت. استعطفته: أنا في مثل سن والدك. صحتي لا تتحمل هذه المعاملة.

لعن أبي وأباه، وببرود كرر: ماذا تريد من شحاتة البرنس؟

Bog aan la aqoon