Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Noocyada
10
كان التصميم الذي انبثق عن ذلك هو «العارضة المزدوجة»، الذي كان يتضمن جملونا كبيرا مستطيل الشكل تمر عبره ذراع طويلة. كان من المقرر ربط المعدات وأماكن إقامة الطاقم والمختبرات البحثية والألواح الشمسية جميعا بهذه الهياكل. ثم في يناير 1987، اكتشفت الوكالة - وكانت مفاجأة كبرى - أن الأمر سيتكلف 14,5 مليار دولار أمريكي، وهو ما استدعى مراجعة عالية المستوى شملت المشروع بأسره؛ مما أدى إلى تأجيل النفقات الرئيسية إلى حين وصول الرئيس القادم إلى البيت الأبيض. قسمت الخطة الجديدة التصميم إلى جزأين؛ كان من المقرر تصميم الذراع المستعرضة الطويلة أولا، بتكلفة 12,2 مليار دولار أمريكي، ولاحقا ربما يتم أيضا تصنيع المستطيل الكبير، مقابل 3,8 مليارات دولار أمريكي أخرى.
أطلق ريجان على النموذج الجديد اسم «فريدوم» (أي الحرية)، لكن مثلما غنت جانيس جوبلن في عام 1970، ما الحرية سوى كلمة أخرى لعدم وجود أي شيء لدى المرء ليفقده. بحلول عام 1991 ارتفعت التكلفة إلى 38 مليار دولار أمريكي، وكانت المحطة الفضائية تخسر مؤيديها؛ صرح أحد كبار المديرين لمجلة «ساينس» قائلا: «العمل الذي أنجز حتى الآن لا قيمة له، وما أنجز لا يعد حتى عملا هندسيا جيدا.» كتب توماس بين، وهو رئيس سابق لناسا، قائلا إن العمل «يؤخر أهداف الرئيس، ولا يدفعها قدما». أشار منتقدون آخرون إلى أن المركبة «فريدوم» ستقترب من حجم ملعب كرة قدم، وستتطلب ثمانيا وعشرين رحلة مكوك فضائي على الأقل، وهو ما يضع ضغطا جديدا على ناسا لتنفيذ جدول زمني للإطلاق. لم يكن مقررا أيضا أن تتطور المركبة عبر مراحل، الأمر الذي كان من شأنه أن يقدم فرصا للتعلم أثناء المضي قدما؛ إذ كان من المقرر أن تصمم بالحجم الكامل من البداية، دون سبيل لاختبار تجميعها الكامل على الأرض. عبر قائد أسبق للقوات الجوية عن الأمر بوضوح قائلا: «ما لا يمكن اختباره، لا يمكن الوثوق به.»
كان الخبراء التكنولوجيون قد رفضوا رفضا قاطعا التخلي عن أفكار استخدام المكوك الفضائي لأغراض البحوث الموجهة تجاريا. تخلت شركة «ثري إم» عن هذه المساعي، بينما حذر منسق الشركة لبحوث الفضاء إيرل كوك من أن الإمكانات التجارية «قد روج لها على نحو مبالغ فيه». تدخل المجتمع العلمي؛ إذ عقد روبرت بارك، وهو أحد مديري الجمعية الفيزيائية الأمريكية، مؤتمرا صحفيا وأعلن أن المحطة تعد إهدارا للأموال، ثم كتب مقال رأي في صحيفة «واشنطن بوست» سخر فيه من المحطة باعتبارها «برميل خنازير دوار». انضم رؤساء أربع عشرة جمعية إليه في بيان مكتوب من جمعية الفيزياء الأمريكية ينتقدون فيه المحطة، فضلا عن توقيع عشر مؤسسات مماثلة مع بارك خلال الأشهر التالية لذلك؛ كان هذا أمرا غير مسبوق؛ فقد اعتمد علماء البلاد على مصادر التمويل الفيدرالي في منحهم البحثية، وهو ما كان يعني أنهم كانوا يعضون اليد التي أطعمتهم. وعلى الرغم من كل الحديث حول إنماء بلورات في الفضاء، كان واضحا دعم إحدى الجماعات لبارك، ألا وهي الجمعية الأمريكية لعلم البلورات.
كانت هذه الجمعيات تفتقر إلى النفوذ الذي يتيح لها أن تسود، لكن لم يكن في مقدور أحد أن ينكر أن مبلغ 38 مليار دولار أمريكي كان أكثر مما ينبغي. لم يتحسن الوضع أيضا عندما أشار القائد العام إلى أنه فضلا عن تكاليف بناء «فريدوم»، كان من المقرر أن تتكبد نفقات مستمرة باهظة خلال الفترة المقررة لها، وهي ثلاثون عاما. قال بارك في شهادة أمام الكونجرس: «عند حساب هذه التكاليف مجتمعة، فإننا نحصل في حقيقة الأمر على برنامج بتكلفة 118 مليار دولار أمريكي على الأقل.»
كان هذا يعني أن الوقت قد حان لإجراء إعادة تصميم أخرى، بغرض «خفض» تكاليف الإنشاء إلى 30 مليار دولار أمريكي. حازت الخطة الجديدة على موافقة البيت الأبيض، وكانت لها مميزاتها. تضمنت الخطة نماذج أصغر أمكن تحميل معدات على متنها واختبارها على الأرض؛ وعلى الرغم من ذلك، مع زوال فكرة أن «فريدوم» ليست حرة تدريجيا، انتهى المطاف بالخطة الجديدة إلى اعتبارها بديلا مؤقتا. في منتصف عام 1993، نجا مشروع المحطة الفضائية من محاولة لإلغائه في البيت الأبيض بفارق صوت واحد؛ 216 صوتا مقابل 215 صوتا. زاد هذا الهامش خلال التصويت التالي، ولكن لم يحدث ذلك إلا لأن الرئيس كلينتون ونائبه جور قد مارسا ضغوطا شديدة لإقناع الخصوم الرئيسيين بالابتعاد.
مع ذلك، تبين أن هذا لم يكن سوى الظلام الذي يسبق بزوغ الفجر؛ فقد عاد برنامج الفضاء غير المأهول بقوة، واحتلت صواريخ «دلتا» و«أطلس» و«تايتان» الصدارة مرة أخرى. كانت المحطة الفضائية على وشك أن تعود مرة أخرى، بعد أن حازت غرضا وقوة جديدين. كانت برامج الفضاء الكبرى في العالم تدخل مرحلة تجديد، مسجلة من جديد ارتفاعا في منحنى الإنجاز؛ ووسط هذا الإنجاز، ساد موضوعان مهمان، ألا وهما التعاون الدولي والريادة التجارية.
الفصل الثاني عشر
نظرة على مستقبل الفضاء وآفاق التجديد
التجارة والتعاون في مجال الفضاء
Bog aan la aqoon