Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Noocyada
مركبات إطلاق فئة المكوك الفضائي. إلى اليسار، مكوك فضائي. إلى الوسط، صاروخ «إنرجيا»؛ صواريخ التعزيز تحوط خزان الوقود المركزي، بينما توضع حمولة ثقيلة بطول هذا الخزان. إلى اليمين، «إنرجيا» مع المكوك الفضائي «بوران» (دان جوتييه).
كان التدهور دراميا على نحو خاص في تيوراتام ومدينة لنينسك المجاورة؛ حيث وقعت أعمال شغب كبرى في فبراير 1992. أرسل المجندون العسكريون إلى هناك لأداء أعمال الصيانة، لكنهم كانوا يتناولون طعاما سيئا للغاية، ومضت أشهر دون أن يستحموا. مثلما أشار أحدهم قائلا: «جئت إلى هنا سليما، معافى، غير مضار، وها أنا الآن أعود إلى وطني عليلا، كسيحا، بعدما خدمت هنا عامين.»
بدأت أعمال الشغب عندما ألقي القبض على عامل عسكري وأرسل إلى مكتب القائد؛ حاولت القوات الأخرى إنقاذه بالاستيلاء على مركبة واقتحام البوابات، وهو ما تبعه إطلاق أحد الحراس النار، مصيبا أحد منفذي الاقتحام. انضم عدة مئات من الجنود الآخرين إلى الانقلاب، حيث استولوا على حوالي خمس عشرة مركبة للجيش، وأشعلوا النيران في المباني. احترقت ثلاث ثكنات، وعثر رجال الإنقاذ لاحقا على جثث ثلاثة رجال في الداخل.
أعادت السلطات النظام لا من خلال القبض على القادة فحسب، بل من خلال منح تصاريح إجازات للجنود الذين كانوا يواجهون صعوبات مثل اعتلال الصحة، ومع ذلك كان انتشار التدهور جليا؛ أشار أحد الكتاب في عام 1992 قائلا إن «الأساس هو تجديد مجمع الإطلاق، حيث لم تجر عمليات الفحص والصيانة الروتينية اللازمة على مدى عام ونصف عام. زرت منصة إطلاق «إنرجيا»/«بوران» مؤخرا. كان مشهدا محزنا؛ فقد كان بوسع المرء أن يصور هناك أفلام خيال علمي عن حضارة فضائية آفلة!»
بعدها ببضعة أشهر، أشار أحد الصحفيين إلى أن المرء في لنينسك «كان يمكنه أن يدرك للوهلة الأولى كيف تدهور الوضع في المدينة على نحو كارثي؛ فبينما لم يكن ثمة أي طعام تقريبا خلال السنوات الأخيرة، صارت لا توجد مبان الآن أيضا. كانت المعدات والمواد تنهب، وكانت مجمعات الإطلاق المتوقفة عن الخدمة تزداد تدهورا.»
8
كانت ثمة حرائق وسط المعدات المتوقفة عن الخدمة. في عام 1994، كتب مراسل روسي قائلا: «احترق مركز الضباط في الموقع العسكري عن آخره الشتاء الماضي، بيد أن تعبير «احترق عن آخره» لا يعكس الصورة الدقيقة تماما للمشهد. على وجه الدقة، اشتعلت النيران في مركز الضباط، وتكسرت كل النوافذ في نهاية المطاف، «على سبيل المزاح». بعد ذلك، ظل الدخان ينبعث من المركز على مدى ثلاثة أيام، على غرار فوكوشيما في اليابان.» اندلع حريق آخر في مبنى مجمع «سويوز»، وبعدها بأشهر كان لا يزال في إمكان الزائرين استنشاق رائحة الدخان. بعض منصات الإطلاق لم تعد صالحة للاستعمال، وأشار أحد المراسلين إلى أن «الناس كانوا يسرقون كل شيء، حتى النحاس أو الألواح المعدنية من أسطح المباني». عندما بلغ صاروخ مؤن إلى «مير»، كان جزء من المكملات الغذائية على متنه مفقودا؛ حيث كان قد جرى نهبه فيما يبدو على الأرض من قبل طاقم الإطلاق.
في مارس 1995، جاء المحلل الأمريكي جيم أوبرج لإلقاء نظرة وإبداء رأيه الخاص حيال الوضع في مجلة «آي إي إي إي سبكترام»:
كان ثمة الكثير من التدهور والخراب البادي للعيان. في بداية التسعينيات من القرن العشرين، لم تكن ثمة مصادر تدفئة أو مياه جارية في منازل العاملين، ولم تكن ثمة خدمات اجتماعية بدءا من المدارس وحتى الرعاية الطبية، ولم يكن يوجد في المتاجر سوى أردأ الأنواع من الأطعمة. انهار الأمن وتسلل المغتصبون الذين يستولون على الأراضي والممتلكات بوضع اليد، بينما اندس اللصوص في ضواحي المدينة. تدهورت الصحة العامة سريعا وانتشرت الأمراض، خاصة بين الأطفال. هجر كثير من العاملين المدنيين، الذين لم يتقاضوا أجورهم لأشهر، مواقعهم.
ذكرتني المباني المهجورة، والسياجات المكسورة، وأكوام النفايات المبعثرة بكثافة في كل مكان بأسوأ أوضاع التدهور الحضري في الولايات المتحدة. كانت الشقق المهجورة، التي كانت تشمل في بعض الأحيان وحدات سكنية بأكملها، تقف بلا نوافذ في مواجهة الشمس المتربة. كان الغبار، المنبعث من مسطحات الملح المحملة بالمبيدات الحشرية في بحر آرال، يسمم تدريجيا قاطني المدينة، الأضعف أولا.
Bog aan la aqoon