202

Cadd Tanazuli

عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء

Noocyada

لا تزال الصورة محفورة في ذاكرة البلاد: يرتفع المكوك على عمود العادم المنبعث من صاروخ إطلاقه، ثم تتكون كرة نار برتقالية اللون، ثم ينطلق صاروخا تعزيز يعملان بالوقود الصلب انطلاقا مدويا، ويندفع وابل من الشظايا التي خلفت دخانا على صفحة السماء الزرقاء؛ كانت إحدى هذه الشظايا هي القمرة الحاملة طاقم الرحلة، الذين ظلوا فيما يبدو محتفظين بوعيهم في أعقاب الانفجار. استغرق منهم الأمر أكثر من دقيقتين للسقوط في المحيط من ارتفاعهم الأصلي البالغ تسعة أميال. لم تكن ثمة مظلات على متن المركبة، وسرعان ما لقوا حتفهم بمجرد اصطدامهم بالماء.

كان الطاقم يتضمن مدرسة تدعى كريستا ماكوليف، التي كانت ناسا قد انتقتها من بين 11400 متقدم؛ كان هذا جزءا من حملة علاقات عامة لجذب الاهتمام من خلال إثبات أن المكوك الفضائي آمن بما يكفي لاصطحاب الأشخاص العاديين. كان السيناتور جيك جارن - أحد المؤيدين المتحمسين لناسا - قد انطلق إلى الفضاء على هذا النحو في أبريل 1985، وكان عضو الكونجرس بيل نيلسون قد انطلق إلى مدار فضائي على نحو مماثل في وقت سابق في يناير.

كان المكوك الفضائي يقترب حقا من طور التشغيل الروتيني، بعد أن كان قد أجرى خمس رحلات في عام 1984 وتسعا في عام 1985. كان العام الأخير قد تميز بعلامة فارقة؛ فللمرة الأولى، تطلق البلاد المكاكيك الفضائية بأعداد فاقت أعداد الصواريخ القابلة للاستخدام لمرة واحدة. كان ثمة خمس عشرة رحلة مدرجة على الجدول الزمني لعام 1986، وكانت ناسا تسعى إلى بلوغ أربع وعشرين رحلة بنهاية العقد.

لكن الطلب على زيادة معدل الرحلات وضع الجميع تحت ضغوط هائلة. كان ثمة رحلتان مهمتان على وشك الانطلاق قريبا. في 15 مايو، كان من المقرر أن تطلق المركبة «تشالنجر» المسبار الأوروبي «عوليس»، وهو عبارة عن مركبة سبر أوروبية كان مقررا لها أن تطوف حول المشتري، وتعتمد على جاذبيته للتحليق فوق قطبي الشمس. بعد ذلك بخمسة أيام، كان من المقرر أن تنطلق مركبة «جاليليو» الفضائية صوب المشتري، وكان من المقرر أن توضع كلتا المركبتين أعلى صاروخ المرحلة العليا «سينتاور»، الذي كان سيجري أولى رحلاته داخل المكوك الفضائي. إذا تجاوزت أي من المركبة «عوليس» أو المركبة «جاليليو» تاريخي إطلاقهما، كان سيتعين عليهما الانتظار ثلاثة عشر شهرا حتى تصبح الأرض والمشتري في وضع اصطفاف ملائم مرة أخرى.

كان السبب في الكارثة يرجع إلى صاروخي التعزيز ذوي الوقود الصلب الموضوعين على جانبي خزان الوقود الرئيسي. كان صاروخا التعزيز أكبر من أن يملآ بالوقود أو ينقلا كقطعة واحدة؛ لذا، اضطر مصممهما مورتون ثيوكول إلى تصميمهما في شكل أجزاء يجري تجميعها في كيب. كان بين كل جزأين من هذه الأجزاء فجوة؛ مما كان يقتضي إحكام غلقها للحيلولة دون تسرب الغازات الساخنة بفعل الضغط المرتفع. كان مانع التسرب يحتوي على حلقتين مطاطيتين سميكتين تحوطان قطر صاروخ التعزيز البالغ اثنتي عشرة قدما. عند إشعال الوقود الصلب لصاروخ التعزيز، أدى ارتفاع مفاجئ في الضغط إلى ارتخاء مانع التسرب الخارجي للصاروخ؛ ومن ثم، كانت الحلقات الدائرية في حاجة إلى مرونة كافية للاستجابة عن طريق الارتخاء بالتناغم مع مانع التسرب الخارجي للحفاظ على سلامة الغطاء وتماسكه. كان لكل صاروخ من صاروخي التعزيز وصلات محكمة الغلق من هذا النوع.

قبل الكارثة، لم تصمد الحلقات الدائرية في عدة رحلات سابقة بسبب التآكل الحادث بفعل الغازات الساخنة. وقعت حادثة خطيرة خلال إحدى مرات الإطلاق في أبريل 1985؛ حيث انطلق عادم الصاروخ في اتجاه الحلقة الدائرية الأولى، وأدى إلى تآكل ما يصل إلى 80 في المائة من الحلقة الثانية، في مساحة محدودة. صمد مانع التسرب على الرغم من ذلك، وواصل صاروخ التعزيز عمله على نحو طبيعي، لكن في «ثيوكول»، أصيب المهندسون المسئولون عن موانع التسرب بقلق شديد.

في يوليو، كتب روجر بواجولي - كبير مختصي موانع التسرب في الشركة - مذكرة إلى نائب رئيس الشركة «لضمان أن الإدارة على دراية تامة بخطورة مشكلة الحلقات الدائرية الحالية. أخشى ما أخشاه - وعن صدق - أننا إذا لم نتخذ إجراء فوريا بتعيين فريق يكون مختصا بحل المشكلة، فسنواجه خطر إضاعة رحلة، فضلا عن جميع منشآت منصة الإطلاق.»

6

شكلت «ثيوكول» هذا الفريق، الذي كتب رئيسه مذكرة في أكتوبر استهلها بكلمة: «النجدة!» واختتمها بعبارة: «هذه صافرة إنذار». مع ذلك، لم تكن ثمة ضرورة فعلية لذلك. لم يكن أفضل موانع التسرب سوى أحد أوجه التحسين الذي كان سيحدث في الوقت المناسب، مع مواصلة جهود تطوير المكوك الفضائي وصولا إلى التصميم الأمثل.

لم يكن ثمة أي معيار واضح يحدد الوقت الفعلي لتعطل الحلقات، بيد أن التجربة أثبتت أن الحلقات تعمل على أفضل نحو في الطقس الحار، وهو ما يجعل المطاط المصنوعة منه مرنا وطيعا. على النقيض من ذلك، كان الطقس البارد يجعلها قاسية، غير قادرة على الانثناء بسرعة، وهو ما كان يحدث عندما تتعرض للتآكل والتفحم من جراء ألسنة اللهب المنبعثة من صاروخ التعزيز. مع اقتراب تاريخ انطلاق رحلة «تشالنجر»، كانت تجتاح فلوريدا موجة باردة غير معتادة. في «ثيوكول»، عقد بواجولي وثلاثة عشر مهندسا آخرين اجتماعا وأوصوا بالإجماع بتأجيل الإطلاق.

Bog aan la aqoon