وعمر عادل متحرج في عدله.
وهل كان موقفه من المرتدين خلوا من خلق من هذه الأخلاق؟
ألم يكن فيه تصرف حين أراد أن يؤجل أمر الزكاة إلى يوم تتبدل فيه الأحوال؟
ألم يكن فيه جرأة حين جهر بهذا الرأي ولم يحفل بمداراته؟
ألم يكن فيه ثقة بأن المصير إلى ثبات الإسلام، وإن ضل من ضل وزاغ في الطريق من زاغ؟
ألم يكن فيه تحرج من قصاص لم يتضح له حقه فيه حتى وضح له ذلك الحق فبطل الحرج ووافق صاحبه في كل ما ارتآه؟
فهذا هو عمر المعهود، ولكن بعد إنعام واستقصاء.
أما أبو بكر المعهود فنحسب أننا قد بيناه فيما تقدم، فبينا أن ما صنع من قتال أهل الردة كان أقرب الأعمال إلى «الصديقيات» المطبوعة، وإن بدا في النظرة الأولى على غير ذلك، ونحن لا نفهم الإنسان حقا إذا فهمنا أنه يعيش حياته كلها ولا يأتي بشيء يخالف ما عهدناه وانتظرناه. ونحن لا نستغرب الموقفين من أبي بكر وعمر إذا أحضرنا هذه الحقيقة التي هي أقمن شيء بالإحضار في دراسة النفوس الإنسانية، وبخاصة نفوس العظماء.
وقد وضح كل الوضوح أن أبا بكر كان على صواب عظيم.
ولكن لم يتضح كل الوضوح أن عمر كان على خطأ عظيم.
Bog aan la aqoon