إن الأمر لم يكن قابلا لأن يحصل فيه غير ما حصل، بعد حسبان كل حساب، واستقصاء كل فرض، وتمحيص كل رواية.
ولم يكن فيه اتفاق مدبر على صورة من الصور، وإنما هو كما قال عمر رضي الله عنه: «إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ... ألا وإن الله وقى شرها.»
وما حاجة الأمر إلى تمهيد وقد كان في غنى عن التمهيد؟
لقد كان اختيار أبي بكر للخلافة «خيرة الواقع» الذي لا يحتاج إلى تدبير، بل يقاوم كل تدبير.
فمن غير أبي بكر كانت تجتمع له شرائط كما اجتمعت له، وتتلاقى عنده الوجهات كما تلاقت عنده؟
كانت تجتمع له شرائط السن، والسبق إلى الإسلام، وصحبة النبي في الغار، والمودة المرعية بين أجلاء الصحابة، ومعظمهم ممن دخلوا في الدين على يديه.
وكانت أمارات استخلافه ظاهرة من طلائعها الأولى قبل مرض النبي عليه السلام بسنوات. فكان أول أمير للحج بعث به النبي عليه السلام وهو بالمدينة.
وكان ذلك سنة تسع من الهجرة، واتفق في طريقه أنه دعا إلى صلاة الصبح فسمع رغوة ناقة وراء ظهره، فوقف عن التكبير وقال: هذه رغوة ناقة النبي
صلى الله عليه وسلم
الجدعاء فلعله أن يكون رسول الله فنصلي معه. فإذا علي بن أبي طالب على الناقة. فسأله أبو بكر: أمير أم رسول؟ قال: لا، بل رسول، أرسلني رسول الله
Bog aan la aqoon