فهو خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية ...
وهو على صلة بالدنيا التي أحاطت بقومه ... فلا هو يجهلها فيغفل عنها، ولا يغامسها كل المغامسة فيغرق في لجتها.
أصلح رجل من أصلح بيت في أصلح زمان لرسالة النجاة المرقوبة، على غير علم من الدنيا التي ترقبها ...
ذلك محمد بن عبد الله عليه السلام ...
قد ظهر والمدينة مهيأة لظهوره؛ لأنها محتاجة إليه، والجزيرة مهيأة لظهوره؛ لأنها محتاجة إليه، والدنيا مهيأة لظهوره؛ لأنها محتاجة إليه، وماذا من علامات الرسالة أصدق من هذه العلامة؟ ... وماذا من تدبير المقادير أصدق من هذا التدبير؟ ... وماذا من أساطير المخترعين للأساطير أعجب من هذا الواقع، ومن هذا التوفيق؟ ... علامات الرسالة الصادقة هي عقيدة تحتاج إليها الأمة، وهي أسباب تمهد لظهورها، وهي رجل يضطلع بأمانتها في أوانها.
فإذا تجمعت هذه العلامات، فماذا يلجئنا إلى علامة غيرها؟ ... وإذا تعذر عليها أن تجتمع فأي علامة غيرها تنوب عنها أو تعوض ما نقص منها؟ ...
خلق محمد بن عبد الله ليكون رسولا مبشرا بدين، وإلا فلأي شيء خلق ... ولأي عمل من أعمال هذه الحياة ترشحه كل هاتيك المقدمات والتوفيقات، وكل هاتيك المناقب والصفات؟
لو اشتغل بالتجارة طول حياته كما اشتغل بها فترة من الزمن، لكان تاجرا أمينا ناجحا موثوقا به في سوق التجار والشراة ... ولكن التجارة كانت تشغل بعض صفاته، ثم تظل صفاته العليا معطلة لا حاجة إليها في هذا العمل مهما يتسع له المجال.
ولو اشتغل زعيما بين قومه لصلح للزعامة، ولكن الزعامة لا تستوفي كل ما فيه من قدرة واستعداد ...
فالذي أعده له زمانه وأعدته له فطرته هو الرسالة العالمية لا سواها، وما من أحد قد أعد في هذه الدنيا لرسالة دينية إن لم يكن محمد قد أعد لها أكمل إعداد ...
Bog aan la aqoon