وإنما هو تفكير من ينتظره العمل، وليس بتفكير من ترك العمل ليوغل في الفروض ومذاهب الاحتمال والتشكيك؛ ثلث أيامه لربه وثلثها لأهله، وثلثها لنفسه، وما كان في فراغه لنفسه ولا لأهله شيء يخرجه عن معنى عبادة الله والاتصال بالله، على نحو من التعميم.
بهره الجمال من صباه؛ جمال الشمس والقمر والنهار والليل والروض والصحراء، وجمال الوجوه التي يلمح عليها الحسن فيطلب عندها الخير. إنما هو الخير على كل حال ما قد طلب من الجمال، وإنما جمال الله هو الذي قد كان يدعوه إليه، كلما نظر إلى خلق جميل.
فكر في الخلق فآمن بالخالق، واستقر هنالك لا يتقدم ولا يتأخر. فقال: «إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ فيقول: الله. فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله. فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله.»
تلك هي نهاية التفكير التي ينتهي إليها عقل مستقيم خلق لعبادة عامل، وتعليم الناس عبادة وعملا، ولم يخلق ليوغل في الفروض ويتقلب بين الشكوك.
وإنا لنسأل مع هذا: إلى أين انتهى المفكرون الذين أوغلوا في شكوكهم وتطوحوا بها إلى قصوى ما تفرضه الفروض؟
إلى أين انتهى «كانت»
Kant
إمام المفكرين في هذا الباب بين فلاسفة العصر الحديث، إن لم نقل الحديث والقديم؟
انتهى إلى أن النفس نفسان والوجود وجودان: نفس حسية ونفس حقيقية ... ووجود محسوس ووجود حق هو ذات الوجود.
النفس الحقيقية تدرك الوجود الحقيقي عندما ترجع إلى قرارها، ثم لا تتخطى بإدراكها عالم الباطن إلى عالم المحسوسات التي يتناولها التعبير وتصوير الكلام ...
Bog aan la aqoon