75

12

المعابة عن شرف آبائه، ويرى أنه غير عاد ولا باغ، وأن البغي والعدوان إنما يجيئان من قبل ذلك الرجل الخارج على قومه، حتى يتبين له بالحق الذي يصدع له أن الذي هو فيه هو البغي والعدوان.

ذلك باب العداء الوحيد الذي كان بين عمر والإسلام، وهو باب لا يطول مدخله في نفس طبعت على العدل والإنصاف.

فما من سبب يصل بين الجاهلي الشريف وهذا الدين الجديد إلا كان موصولا بنفس عمر أوثق صلة، وما علمنا من سبب للإسلام إلا كانت له عقدة في نفس عمر وثيقة القرار.

فربما أسلم أناس لأنهم أخذوا ببلاغة القرآن، وأسلم أناس كرهوا المنكر الذي كان يشيع في الجاهلية، أو لأنهم ورثوا النزعة الدينية والخلائق المستقيمة، أو لأنهم جبلوا على روحانية تصل بينهم وبين عالم الغيب وحظيرة الأسرار، أو لأنهم قد عرضت لهم عارضة موقوتة، حركت ما فيهم من كوامن تلك الأسباب.

وكل أولئك كان عمر على استعداد له عظيم.

وكل أولئك لم يكن عمر فيه بالوسط المكرر، بل كان فيه العلم المترفع المضيء بين الأعلام.

كان عمر بليغا حسن النقد للبلاغة، هواه منها الصدق والطبع وجمال التفصيل، فكان يطرب لقول زهير:

فإن الحق مقطعه ثلاث

يمين أو نفار أو جلاء

Bog aan la aqoon