إنما المحارب المعتدي هو الذي «يحارب لحسابه» كما يقولون، أو يحارب لنفسه مرضاة لطمعه، وذهابا مع نزواته، ومن هذا الطراز الإسكندر وتيمور ونابليون.
أما المحارب الذي تقيده إرادة غير إرادته، ويحكمه قانون غير هواه، فالحرب من مثله واجب يلام على تركه، وليست بجريمة يلام على اقترافها.
وقد يرى هؤلاء أن أشرف الجهاد جهاد النفس والهوى، قبل جهاد الخصوم والأقران، كما رأى عمر بن الخطاب.
ومصداق ذلك ظاهر في كل قائد تدعوه إلى الحرب إرادة إله، أو إرادة أمة، أو إرادة ضمير له قانون. فطبيعة الجندي في هؤلاء لا تناقض العدل، إلا كما تناقضه طبيعة الفيلسوف، أو طبيعة الفن، أو طبيعة التصرف في شئون المعاش، ولا تناقض بينه وبين واحدة منها، أو هي جميعا في هذه الخصلة سواء.
هؤلاء لا يحاربون إلا مكرهين، وإذا حاربوا لم يحاربوا لبغي ولا لتنكيل، ولو كان في ميدان القتال، وسنتهم هي سنة عمر حين حذر المجاهدين أن يعتدوا؛ لأن الله لا يحب المعتدين، ثم قال: «لا تجبنوا عند اللقاء، ولا تمثلوا عند القدرة، ولا تسرفوا عند الظهور،
31
ولا تقتلوا هرما ولا امرأة ولا وليدا، ونزهوا الجهاد عن عرض الدنيا، وأبشروا بالإرباح
32
في البيع الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم.»
وذلك هو الجندي في حالته المثلى.
Bog aan la aqoon