فقال الفقيه «أو إذا شئت استشرت سعيدا صاحبنا؛ فإنه عالم بفن العلاج مثل علمه بسائر العلوم، إنه رجل عجيب.»
فلما ذكر سعيدا أحس الأمير عبد الله بارتياح وقال: «إن هذا الرجل من نوادر الزمان، وأشكر الله على أني وفقت للوصول إليه، ولك الفضل في ذلك.»
فأطرق الفقيه تأدبا وقال: «في الحق إن سعيدا نادر المثال.»
فقال الأمير: «وعابدة؟ أليست نادرة المثال أيضا؟ هل رأيت فتاة أديبة تعرف الشعر والغناء مثلها؟» وكأنه تذكر حديث الأمس فانقبضت نفسه، فابتدره الفقيه قائلا: «هل يأذن سيدي في استقدام سعيد لعله يصف لك علاجا؟»
قال عبد الله: «ادعه، إن لم يكن للعلاج بدوائه فللاستئناس برؤيته.»
فأشار إلى ساهر، فخرج وعاد وسعيد معه، وكان الليل قد أسدل ستاره وأنيرت المصابيح، ولحظ سعيد من احمرار عيني الأمير أن الحمى شديدة عليه، فأخذ يده فجس نبضه وأطرق كأنه يتأمل حركة النبض ثم قال: «ألم يجمع مولانا الأمير ماءه؟ (البول)»
2
قال عبد الله: «قد جمعته في هذه القارورة.» وأشار إلى الغلام فأتاه بقارورة فيها البول. فتناولها سعيد وتطلع إليها هنيهة ثم قال: «إن مولانا مصاب بحمى غضبية، وهذا النوع من الحمى لا خوف منه، وإن اشتد.»
فأعجب عبد الله بسرعة تشخيصه، ووافق ذلك ما في نفسه؛ لأنه كان يعتقد ذلك، وكانت هذه الحمى معروفة عندهم بهذا الاسم، فقال: «أظنك عرفت الحقيقة؛ لأني أصبت بها مرة من قبل وشفيت منها. يظهر أنك طبيب ماهر.»
قال سعيد: «إن معرفة هذه الحمى أمر يسير.»
Bog aan la aqoon