225

Cabd Rahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Noocyada

ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ، فلا غرو إذا اعترض طلبه فتك أو قتل أو غدر، وخصوصا إذا سبق المحب سواه إلى ذلك الحبيب.»

فلما سمعت الزهراء قوله، خشيت أن يظن الخليفة أنه كان بينها وبين سعيد محبة متبادلة قبل مجيئها إليه، فاستأذنت في الكلام فأذن لها فقالت: «ولكن شرط المحبة الصحيحة أن تكون متبادلة، فإذا لم تكن كذلك بطلت فضيلتها وأصبح طلبها تعديا.»

فنظر سعيد إليها وهي تتكلم وقد ترنح لصوتها الرخيم، فلما فرغت من الكلام ظل ساكتا ينظر إليها كأنه يتوقع أن تستأنف الحديث، فلما واصلت الصمت قال: «إن الحب فضيلة مهما اعترضه أو تقلبت عليه الأحوال؛ لأنه أساس العمران، والمحبون هم الفضلاء، ولولاهم لخلت الدنيا من الرحمة والإحسان، ولولا الحب يا حسناء لكانت الحياة كالصحراء القاحلة، ماؤها أجاج وهواؤها سموم، وإنما يجعل ماءها عذبا وسمومها نسيما الحب. آه من الحب!» ولما قال ذلك شرق بريقه ثم أجهش بالبكاء، والناصر ينظر إليه ويعجب، وكان أول من شارك سعيدا بالبكاء عابدة، فإنها لم تستطع أن تغالب نفسها لما غلب على قلبها من الذكريات الماضية، وكيف كانت متعلقة القلب بسعيد وهو يضحك منها ويتخذها أداة لتحقيق هدف آخر، لكنها ظلت تشعر بالعطف عليه، فلما رأته يبكي بكت.

أما الزهراء فأجابت سعيدا قائلة: «ولكن إذا تأكد المحب أن حبيبه لا يحبه، ولا يستطيع أن يحبه، ولا سبيل للوصول إليه، أليس من الحكمة أن ينساه؟»

فتنهد سعيد وقال: «لي عقل يحل المشكلات ، ورأي يرد السيل الجارف، وعزم يهد الجبال الراسيات، وقد تغلب على كل أنواع المشاق، لم تعرض لي مشكلة إلا حللتها، ولا أردت أمرا إلا استطعت تحقيقه، إلا الحب فإنه غلبني على أمري وذهب بعزيمتي وقضى على عقلي وحكمتي.»

فقالت: «فماذا يفعل المحب إذن ولا حيلة له إلى حبيبه؟»

فمد سعيد يده إلى جيبه وقال: «إذا تأكد يأسه من حبيبه فقد تأكد أنه ميت؛ إذ لا حياة للمحبين بغير الحب، وإذا عاشوا فحياتهم هي الشقاء بعينه، فما عليهم إلا الرحيل من هذه الدنيا.» قال ذلك وأخرج ورقة ملفوفة ووجه كلامه إلى الزهراء وقال: «إني أموت فداء الحب.» والتفت إلى عابدة وقال: «سامحيني يا عابدة فقد ظلمتك كثيرا.» ونظر إلى الناصر فقال: «ليس لك عندي غير هذه الروح عقابا على جرائمي، فخذها.» والتقم ما في تلك الورقة.

الفصل الثمانون

عابدة وسالم

فعلم الناصر أنه تناول سما، فصاح فيه: «ويلك! أتقتل نفسك؟! تمهل، إني أحب بقاءك وأضن بحكيم مثلك أن يموت، قد كنت أحب أن أستبقيك، ماذا فعلت؟»

Bog aan la aqoon