أما عابدة ففرحت لأنها كانت الوسيلة في إنقاذ الزهراء وأخيها، وسرها على الخصوص أنها لم تقتل الخليفة، ولا هو علم أنها كانت عازمة على قتله، وإن لم يكن ذلك العزم من ذنبها.
أما سالم فإنه بعد أن قبل أخته مرارا تباعد ونظر إلى ما حوله، ثم نظر إلى أخته وقال: «لا أزال أحسب أني في حلم؛ لأني كثيرا ما ضممتك في منامي وقبلتك مثل هذه القبلات، ثم أستيقظ فلا أجد أحدا.»
قالت الزهراء: «أنت في يقظة يا حبيبي، وقد تمت سعادتي الآن بلقياك.»
فقال سالم: «أليس الفضل في هذا الاجتماع لصديقنا سعيد؟»
قالت الزهراء: «نعم له فضل.» وتنهدت، فصاح سعيد فيها: «أنا أولى بهذا التنهد يا حسناء» قال ذلك وهو مغلول اليدين، فلم يستطع سالم مشاهدته على تلك الحالة فقال لأخته: «حلوا وثاق سعيد، وإذا كان له ذنب فهو لا يفر.»
فاعترضه سعيد قائلا: «لا، لا أريد أن يحل وثاقي.»
فحولت الزهراء انتباهه إلى عابدة وقالت: «إن الفضل الأكبر في هذا اللقاء حقيقة هو لهذه الأديبة اللطيفة. هل تعرفها؟»
فهز رأسه مجيبا وقال: «نعم، نعم أعرفها.»
قالت الزهراء: «وهل عرفتها قبل الآن؟»
قال سالم: «عرفتها مع سعيد الوراق. يا للعجب ماذا أرى؟ أهذا سعيد صاحب الرأي الصائب والقول الفصل؟!»
Bog aan la aqoon