199

Cabd Rahman Nasir

عبد الرحمن الناصر

Noocyada

الفصل التاسع والستون

الخوف

وبعد أن ترجلوا تناول جوهر أرسان البغال، وأخذ في شدها إلى بعض جزوع الشجر هناك، وأشار سعيد إلى الزهراء بأن تمشي معه ، فمشت وهي تحاذر أن يمسها ذلك الكلب بسوء، وقلبها يخفق حذرا من الخديعة. أما سعيد فكان يلاطفها حتى دنت من البيت، فتناول من جيبه مفتاحا فتح به الباب، ودخل والظلام حالك فتراجعت وقالت: «لا أدخل في الظلام.» فأشار إليها أن تجلس، فقالت: «أين أخي؟»

قال سعيد: «ليس هو هنا، وإنما أردت أن تستريحي هنيهة.»

فأجفلت وقالت: «أستريح؟ كنت أفضل أن نظل سائرين حتى نصل إليه؛ فقد مضى معظم الليل وسيدركنا النهار، وينبغي أن نكون في القصر في صباح غد.»

فضحك سعيد، وقال: «لا بأس. سنكون هناك كما تقولين» قال ذلك وخرج.

فالتفتت حولها فلم تزدد إلا وحشة، وأخذت تفكر فيما أتته من الطيش في تسرعها، ولكنها شعرت أنها لم تكن مخيرة في ذلك، وأرادت أن تصيح وتستغيث، فخشيت العاقبة، فرجعت إلى رشدها وأخذت تتجلد وتفكر، فحدثتها نفسها أن تستغيث بجوهر لعله ينقذها، فنهضت ومشت إلى الباب فرأت سعيدا واقفا إلى جانبه يكلمه، ثم أشار إليه فأسرع نحو الشاطئ، وعاد سعيد نحو البيت والكلب يقفز حوله.

فرجعت الزهراء إلى مقعدها، وأحست أنها وحيدة هناك، وقد أصبحت في قبضة سعيد، فأخذ قلبها في الخفقان وجاش الحزن في صدرها وأحست بالحاجة إلى البكاء، ولم تستطع أن تحبس دموعها فبكت. ثم دخل سعيد، فلما رآها تبكي ضحك وقال: «ما بالك تبكين؟»

قالت الزهراء: «أخشى أن تكون قد خدعتني؟»

قال سعيد: «كيف أخدعك أو أريد بك سوءا وأنا إنما أريد سعادتك، وقد تركت الدنيا كلها من أجل لقائك؟»

Bog aan la aqoon