قال الخصي: «لأنه يؤدي إلى مكان السيدة الزهراء.»
فحفظ ذلك في خاطره وسكت.
وبعد ذلك دخل قصر المؤنس إلى بيت المنام، فاستقبله ياسر رئيس الخصيان وقد بدت البغتة على وجهه وقال: «أين كنت؟»
قال سعيد: «كنت أتمشى في الحديقة.»
قال ياسر: «بعث أمير المؤمنين في طلبك.»
قال سعيد: «ها أنا ذا.»
قال ياسر: «انتظر ريثما أستأذن لك.»
فوقف سعيد ودخل ياسر ثم عاد، وأشار إليه أن يتقدم فمشى حتى دخل غرفة في صدرها سرير، عليه فراش من ريش النعام المكسو بالحرير الأحمر الزاهي، وقد جلس فيه الناصر وهو لا يزال بملابس النوم، وعلى رأسه قبعة (طاقية) من الحرير الموشى بالذهب، وقد تعلقت بالسقف مراوح من ريش النعام تتحرك بنظام خاص، ووقف الخدم بالملابس الفاخرة كما تقدم، فلما دخل سعيد أشار الخليفة إلى الجميع بالخروج، واستدناه، فمشى حتى وقف بين يديه، فقال له: «لا أظنك تجهل منزلتك عندنا بعد أن دعوناك للدخول علينا ونحن في الفراش، فإن رفع الكلفة يدل على الرضاء والصفاء. تفضل، اجلس.»
فانحنى سعيد وظل واقفا، فأمره ثانية أن يقترب منه ويجلس، فمشى حتى صار بجانب السرير. وجلس جاثيا على وسادة هناك، وهو مطرق تأدبا، فقال له الناصر: «يحسن بالعقلاء التأدب بين يدي الملوك، ولكنني ذكرت لك منزلتك عندي بالأمس لما آنسته من علمك وصدق لهجتك، فدع التهيب.»
قال سعيد: «إن تنازل أمير المؤمنين مع مملوكه إلى هذا الحد يحملني على زيادة الشعور بحقارتي، ويزداد المولى - حفظه الله - رفعة في عيني.»
Bog aan la aqoon