فلما سمع سعيد ذلك الاسم اختلج قلبه، ولكن رباطة جأشه أخفت ذلك عن جليسه فقال: «لماذا تغير عليها؟ لا أظنك مصيبا لأني لم أذكر هذه الجارية في حديثي معه مطلقا.»
قال ياسر: «لا أعلم ما الذي قلته له، ولكنني أعلم أني رأيته تغير، وعلى كل حال إن هذه الجارية قد بالغت في الاستبداد، وآن لها أن تعرف ما لها وما عليها.» قال ذلك بلهجة التهديد.
فبدا سعيد كأنه لم يهمه الأمر كثيرا وقال: «ربما كان السبب في تغيره عليها ما لاحظه من استبدادها، فقد علمت أنها أصبحت لفرط دلالها تتدخل في أمور ليست من شأنها، حتى أسمعها الناصر ما تكره، وظل غاضبا عليها يوما وليلة.»
فبغت ياسر ونظر إلى سعيد، فرآه مستغرقا في تقطيع صدر دجاجة بين يديه كأنه لم يقل شيئا، فقال ياسر: «ومن أبلغك هذا الأمر؟ ليس في هذا القصر أحد يعلم ذلك غيري؛ لأن الناصر أسمعها تلك الكلمات وغضب عليها، ولم يدع أحدا يشعر بذلك خوفا من الشماتة؛ لأن جميع نساء هذا القصر يحسدن الزهراء على منزلتها. قل لي كيف عرفت ذلك؟»
قال سعيد: «عرفته.» وهز كتفيه وحاجبيه وهو ينظر إلى السقف تجاهلا.
فقال ياسر: «حقيقة إنك عبقري في التنجيم، كأنك تطلع على الغيب! لله درك من عالم حكيم!»
فضحك سعيد وقال: «إن الأمر لا يحتاج إلى معرفة الغيب. دعنا من ذلك الآن، وقل لي: هل أوصاك الخليفة بأن تحضر له عابدة الليلة؟»
قال ياسر: «نعم.»
قال سعيد: «وهل طلب إليك أن تكون الزهراء حاضرة ؟»
قال ياسر: «نعم.»
Bog aan la aqoon