Cabd Rahman Kawakibi
عبد الرحمن الكواكبي
Noocyada
وربما اتضح الفارق بين الأسلوبين بتسمية الأعلام من كتاب كل مدرسة متبعة في ثقافتنا العربية، فهما مدرستان: أدبية ينضوي إليها أمثال ابن المقفع والبديع والجرجاني وابن عبد ربه وابن زيدون، وعلمية ينضوي إليها أمثال الغزالي وابن خلدون وابن جبير وابن بطوطة وسائر كتاب التواريخ والرحلات ومباحث الأخلاق والاجتماع. •••
والكواكبي قد بدأ حياته الصحفية بعد منتصف القرن التاسع عشر، وأخذ يشدو في فن الكتابة خلال تلك الفترة المتوسطة بين ابتداء حركة الترجمة والطباعة وانتشار المطبوعات من كتب السلف، وما استتبعه من شيوع الفصاحة والاستقلال بالتعبير.
ولا أدل من أصالة طبعه من أسلوب كتابته، فإن أسلوبه ينم على مطالعاته، ومطالعاته تنم على الوجهة التي اتجه إليها بفطرته واستعد لها بتربيته، وهي وجهة العمل على محاربة الاستبداد وتدعيم مبادئ الحرية.
وكان الكواكبي كثير المطالعة فيما ينفعه في هذا المطلب، ويستحث خطاه إلى هذه الوجهة، قليل المطالعة فيما عداه من كتب العلم الذي يسميه علم اللغة أو العلم الموكل بشئون المعاد بمعزل عن شئون الحياة، وإلى هذا يشير في كتابه «طبائع الاستبداد» حيث يقول: «إن المستبد لا يخشى علوم اللغة، تلك العلوم التي بعضها يقوم اللسان وأكثرها هراء وهذيان، نعم لا يخاف علم اللغة إذا لم يكن وراء اللسان حكمة حماس تعقد الألوية، أو سحر بيان يحل عقد الجيوش.»
ثم يقول: «كذلك لا يخاف المستبد من العلوم الدينية المتعلقة بالمعاد، المختصة بما بين الإنسان وربه؛ لاعتقاده أنها لا ترفع غباوة ولا تزيل غشاوة، وإنما يتلهى بها المتهوسون.»
إلى أن يقول: «ترتعد فرائص المستبد من علوم الحياة؛ مثل الحكمة النظرية والفلسفة العقلية وحقوق الأمم وطبائع الاجتماع والسياسة المدنية والتاريخ المفصل والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تكبر النفوس وتوسع العقول وتعرف الإنسان ما هي حقوقه ...»
ومن المؤلفين الذين ذكرهم في مقدمة طبائع الاستبداد «أولئك الذين ألفوا في علم السياسة ممزوجا بالأخلاق؛ كالرازي والطوسي والغزالي والعلائي، وهي طريقة الفرس، وممزوجا بالأدب كالمعري والمتنبي، وهي طريقة العرب، وممزوجا بالتاريخ كابن خلدون وابن بطوطة، وهي طريقة المغاربة». •••
ولا يرى من مطالعاته في الشعر أنه كان يخف إلى قراءة شيء من المنظوم على غير ذلك المثال الذي كان يستشهد به في بعض فصول «أم القرى» أو «طبائع الاستبداد» كقول المتنبي:
وإنما الناس بالملوك وما
تفلح عرب ملوكها عجم
Bog aan la aqoon