أكتوبر ليس انتصارنا
ثم تعليق أخير، فقد جاء في سلسلة المقالات التي أثارتها دراسة الدكتور فؤاد زكريا ... القول بأن جمال عبد الناصر ترك لنا إرادة الصمود والإصرار على الانتصار.
ويتحتم علي أن أقرر في ضوء ما رأيت أن الذي تركه لنا عبد الناصر، ليس إرادة الصمود، وإنما الامتثال المطلق لإرادته، أراد لنا أن نصمد ففرض علينا إرادة الصمود من أعلى، وويل لمن كانت تحدثه نفسه ألا يمتثل!
وإنه لموقف يستحق منا كل تقدير لذاكره ... فلولا أن فرض علينا إرادة الصمود تلك لما تهيأت الفرصة لقواتنا المسلحة أن تتحول آخر الأمر إلى الهجوم على العدو فتنتصر.
نعم! فإن الانتصار ليس انتصارنا، وإنما انتصار أحرزته قيادتنا السياسية، وقواتنا المسلحة، قواتنا هي التي عانت ما عانت من صمود على الجبهة، من انخراط جدي في تدريبات شاقة مستمرة، فتبث فيها قيادتنا السياسية روح الإصرار على الانتصار.
قواتنا المسلحة وليس نحن!
وإلا فبالله حدثوني ما كان يمكن أن يحدث لو أن خراطيم المياه التي أزالت السدود الترابية، كانت كلها ثقوبا كتلك التي حاولت إطفاء حريق مسرح البالون؟
ما كان يمكن أن يحدث لو أن كميات المؤن والذخائر التي أرسلت إلى الجبهة، تكدست بلا نظام، عرضة للنهب والتلف والحريق، كما يحدث في موانينا البحرية والجوية؟
هل كان يمكن لقواتنا أن تعبر فتقتحم بارليف في تنسيق بارع، لو أن فيهم من لا يعرف واجباته، لو كانوا كالموظفين في مكاتبنا الحكومية، حيث يتفشى التسيب والإهمال بل الاستهتار بمصالح الناس؟
هل كان بوسع قواتنا المسلحة أن تنتهز فرص النجاح، لو أن تحركاتها كانت خاضعة للوائح من روتين، منها ما مضى عليه عشرات السنين؟
Bog aan la aqoon